Friday 1 June 2012

ماذا لو وقعت على صفقة الداو ؟

أصيب الشارع الكويتى و على كل المستويات بالصدمه و الذهول بسبب قرار التحكيم الدولى بالتعويض الكبير لصالح شركة الداو كيميكال بعد فسخ عقد الشراكه مع الكويت فى 2008.  مع أن الامر كان متوقعا لكن كالعاده أصبح الكل يتقاذف الاتهامات بمن تسبب فى تلك الكارثه الماليه التى ستكلف الدوله ما يقارب مليارين من الدولارات تقريبا كتعويض.  البعض صب الاتهامات على النواب الضالعين فى تخريب الصفقه و تكبد الكويت مبلغ التعويض الكبير مثل النواب السعدون و البراك, و الآخرين لاموا رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد على الكارثه لانه من فسخ الصفقه بسبب خوفه من التصعيد النيابى غير مبال بالتعويض الكبير,  فقالوا كان يجب عليه عدم الرضوخ لاصحاب الصوت العالى و كان الاجدر يتصادم معهم فى سبيل التوقيع على صفقة الداو و مساندة جميع توصيات القطاع النفطى لما لها من أهميه أقتصاديه, سياسيه و أستراتيجيه لدولة الكويت و بوابه رئيسيه لتنويع الدخل.  أيضا من الناحيه الاخرى لا تزال محاولات البعض تبرير فسخ عقد الداو على أنه غير مجد أقتصاديا على سعر الشراء و قيمة الاسهم فى ذلك الوقت و كان من الافضل عدم التورط فى تلك الصفقه. لكن فى النهايه غالبية الآراء الاقتصاديه تتحسر على صفقة الداو و تعتبرها جدا مجديه و أنها كانت ستكون فى صف الصفقات الناجحه للكويت مثل شراء شركة النفط البريطانيه البى بى و شركة المرسيدس و غيرها من الاستثمارات طويلة المدى التى تدر أرباع طائله على الكويت. فى هذه المقاله نريد ان نستعرض الاسباب السياسيه التى كانت العامل الرئيسى فى جعل رئيس الوزراء السابق تقبل فسخ عقد الداو و التسبب فى المشكله الحاليه من المنظور الآخر, و كما أستعرض سيناريو المتوقع فى حال كان رئيس الوزراء تحدى أعضاء مجلس الامه ووقع عقد الداو فى تلك السنه ...
  الكل يعلم أن الشيخ ناصر المحمد أستلم رئاسة الوزراء فى ظروف استثنائيه فى  2006 بما سمى وقتها الصراع على كرسى الاماره بعد وفاة أمير الكويت السابق الشيخ جابر الاحمد.  فدفع بالشيخ ناصر المحمد من الصف الثانى فجأ الى كرسى رئاسة الوزراء و التحكم فى أمور الدوله و الاشراف على السياسيه العامه للبلد.  الشيخ ناصر المحمد فى ذلك الوقت أراد أن يسير فى طريق آخر فى أدارة منصب رئاسة الوزراء بعيدا عن التحالفات السياسيه مع القوى الموجوده داخل البرلمان.  أراد الشيخ ناصر الابتعاد عن التحالفات السياسيه لكى يكون حرا فى أتخاذ القرار و عدم الارتهان للتكاليف السياسيه للتحالفات.  بالفعل حاولت بعض القوى السياسيه ارسال الرسائل للتحالف مع رئيس الوزراء السابق و منهم المحسوبين على القوى الاسلاميه, لكن رفض الشيخ ناصر المحمد التحالف مع أيا منهم مفضلا العمل الحر و أن يكون للجميع بعيدا عن التحالفات الضيقه.  لكن أحد مشاكل العمل البرلمانى فى الكويت أن رئيس الوزراء يحتاج للغطاء السياسى من أحد القوى السياسيه الفاعله فى الشارع لتقديم الحمايه و ان يعملوا كمصده للهجمات المقابله و تطويع البرلمان و الشارع لصالح رئيس الوزراء و خطة عمله الجديده.  تاريخيا تحالف أمير الكويت السابق الشيخ جابر الاحمد على ايام رئاسته للوزراء مع التجار خصوصا أنهم فى وقتها فى الستينات و حتى السبعينات من القوى الفاعله فى المجتمع و لهم ثقلهم المالى و السياسى والاعلامى الكبير.  تكرر مشهد التحالفات خلال حقبة رئيس الوزراء السابق الشيخ سعد العبدالله التى طالت لاكثر من 30 سنه, هذه المره تحالف مع القوى الاسلاميه خصوصا الاخوان و القوى القبليه الاخرى. خلال حقبة الشيخ سعد العبدالله مرت الكويت بالكثير من الانتكاسات و كان أشد وقعه من مشكلة الداو الحاليه منها أزمة المناخ, تجاوزات الناقلات و الاستثمارات والغزو لكن بسبب تحالف حكومات الشيخ سعد العبدالله مع الاسلاميين, لم يستطع أحدا حتى بالتفكير فى الاستجواب او حتى المسائله القانونيه. و طبعا من الناحيه الاخرى أى تحالف سياسى له مميزاته بتقديم السند السياسى, لكن فى نفس الوقت له تكاليفه بترضية تلك القوى السياسيه المتحالفه معهم بالمناصب و عطايا الدوله و تنفيذ خططهم و ترضية مجاميعهم بالواسطات و غيرها من المميزات الحكوميه ولو كان ذلك على حساب القانون و تساوى الفرص.  و لرفض الشيخ ناصر المحمد كما أشرنا بالسير فى مجال التحالفات الاستراتيجيه مع بعض بعض القوى السياسيه, كان ظهره مكشوف على الآخر لاى هزه أو أزمه برلمانيه لهذا لجأ الشيخ ناصر المحمد لسياسة ترضية كل القوى السياسيه التى كانت السبب الرئيسى فى أنهيار حكومته بالكامل و عدم قدرتها على مجاراة الكل و فى نفس الوقت عدم القدره على تنفيذ خطط حكومته.  لهذا أمام أقل هزه سياسيه مثل الداو التى أثيرت من الشعبى كان رئيس الوزراء يعرف أنه مكشوف و غير محمى بسبب عدم وجود الحليف السياسى التى يرتمى له, لهذا كان يحاول وأد الاستجواب بأى طريقه ولو كان عن طريق خلق مشكله أخرى مثل فسخ العقد و الدخول فى مشاكل التعويض و غيرها.  و تكرر نفس المشهد السياسى فى أداء حكومات الشيخ ناصر المحمد بترضية الكل لتفادى الازمات السياسيه مما فتح باب للابتزاز السياسى وعدم قدرة رئيس الوزراء فى النهايه على مواجهة المشاكل المتراكمه.  أمام الانكشاف السياسى الكامل لحكومات الشيخ ناصر المحمد ندخل الآن فى القضيه الاهم وهى ماذا لو اصر الشيخ ناصر المحمد على توقيع صفقة الداو أمام تهديد و وعيد النواب خصوصا على راسهم نواب التكتل الشعبى !!!
طبعا لضخامة الصفقه من الناحيه الماليه و تقدر بالمليارات و عدم دراية قطاع واسع من الشعب فى آليات الاستثمار العالمى و أقتناص الفرص المغريه ستكون صفقة الداو شعار مغرى للتصعيد السياسى و التكسب الانتخابى.  الشعبى سيطلق رصاصاته الصوتيه أن الصفقه سرقة ملياريه للكويت, و هناك عمولات كبيره غير قانونيه و طبعا سيتمكن من حشد الشارع بسبب ضخامة رقم الصفقه وسهولة تطويعها على أنها سرقه على وزن الناقلات.  السلف تقريبا غالبيتهم بسبب خلافاتهم مع الشيخ ناصر المحمد و عدم أرتياحهم للنهج اللبيرالى لرئيس الوزراء ايضا سينتهزون فرصة الاستجواب لطرح الثقه فى رئيس الوزراء ولا ننسى التصريحات العدائيه ضد الصفقه من بعض رموزهم مثل السلطان و العميرى.  بالنسبه لنواب القبائل لا مناص لغالبيتهم من الوقوف مع الاستجواب خصوصا مع بدأ فريق الازالات بتطبيق القانون على المخالفات المقامه ايضا الرقم الضخم للصفقه يصور أنها سرقة القرن و من هذا الكلام و من يقف مع رئيس الوزراء يعتبر مرتشى و أنبطاحى و من هذا الكلام.  بالنسبه للنواب القوى الليبراليين فى المجلس أيضا سيقفوا مع الاستجواب ليس قناعتة فى آليات الصفقه و مدى نزاهتها, لكن لعدم أعطاء حركة حدس على رأسها وزير النفط العليم أنجاز توقيع صفقه تنمويه مهمه للكويت و تكون مثل تلك المشاريع حكرا فقط على المحسوبين على التيار الليبرالى.  و لنا فى تصريحات النائب السابق صالح الملا العدائيه ضد صفقة الداو العبره و عدم تحمسه لها.  أمام هذا الوضع الشائك لرئيس الوزراء فى أستجوابه بسبب الداو لن يكن فى جانبه ألا القله من النواب العقلاء و أيضا نواب حدس ليس حبا فى الشيخ ناصر المحمد لكن دفاعا عن وزير النفط صاحب صفقة الداو المحسوب على الحركه, لهذا نتيجة أستجواب الشعبى للشيخ ناصر المحمد محسومه مسبقا لغير صالح رئيس الوزراء و تعتبر أعدام مبكر له فى بداية حياته السياسيه فى المنصب الى لم تمتد لسنتين تقريبا فى وقتها.  و حتى أذا وقتها لم يصل المستجوبين للعدد المطلوب بطرح الثقه, لكن حتما عن طريق شحن الشارع فى هذه القضيه الضخمه و النكايه فى الخطوات الاصلاحيه التى قامت بها حكومة الشيخ ناصر المحمد فى بدايه عملها التى جلبت أمتعاض للكثيرين, سيكون عدد النواب الطارحين للثقه كبير مما يحرج من وضع رئيس الوزراء فى الشارع و يكون فى شكل غير مقبول سياسيا فى داخل الكويت.
للاسف بعد الغزو خسرت الكويت الكثير من المشاريع المهمه و الحيويه التى كانت ستدر المليارات للخزينه الوطنيه و منها حقول الشمال و عرقلة البرلمان للكثير من الفرص الاستثماريه المربحه فى الداخل و الخارج و آخرها تخريب صفقة الداو لضنون غير صحيحه و سوء فهم خاطئ و تداخل أجندات سياسيه.  غالبية الشارع الكويتى فى الوقت الحالى ليست كما فى السابق محبه للتنميه و للمشاريع الكبيره ذات طابع تقدمى و أقتصادى على المدى المنظور و المدى الطويل.  طبعا هناك عوامل كثيره جعلت الشعب الكويتى ذو مزاج سيئ ضد التنميه الحقيقه و منها التخريب الممنهج للسلطه فى السابق و حربها ضد الدستور مما كرس ثقافة عدم الثقه بين المواطن و كل ما  يأتى من الحكومه ولو كان خيرا للبلد.  أيضا التجنيس العشوائى و تخريب النسيج الاجتماعى للبلد غير كثيرا من تفكير الشارع الكويتى خصوصا أنه أغلبية المجنسين الجدد من بيئات معاديه للحركات الاقتصاديه و الاستثمار و تصفها دائما بالسرقه و التنفيع.  ولا ننسى ثقافة الدوله الريعيه و القطاع العام الضخم قتل روح المبادره التى تعود عليها المواطن الكويتى فى السابق و جعله أكثر تحفظا ضد المغامرات الاقتصاديه ولو كانت محسوبه, مفضلا الروتين و سياسة أصرف مافى الجيب يأتيك مافى الغيب غير مبال للمستقبل و العمل لتنويع الاقتصاد و الدخل. سابقا الشعب كان مختلفا على سبيل المثال  فى الخمسينات كانت النخب الشعبيه و السياسيه الداعم الاول لانشاء ميناء الشويخ التجارى على أسس حديثه فى وقتها و كان أول ميناء حديث فى وقتها فى الخليج وخدم المنطقه ككل و حول الكويت الى مركز تجارى مهم فى شمال الخليج.  أيضا الشعب الكويتى كان مساندا للشيخ جابر الاحمد فى وقتها لتأسيس صندوق الاستثمار فى الخارج لتكوين دخل أضافى و آخر للكويت و فعلا أصبح الدخل الثانى للميزانيه العامه بعد النفط.  أيضا فى بدايات الثمانينات كان الشارع الكويتى مساندا و بقوه لاستثمار شركات النفط الكويتيه فى الخارج مثل شراء المصافى فى أوروبا و محطات الوقود و النتقيب عن النفط خارج الكويت و غيرها من الصناعات المتعلقه بالنفط ولم يقل عنها سرقه أو بوقه .... هل نتوقع لو كانت العقليه الحاليه للشارع الكويتى معاديه لما هو كل شيئ أقتصادى و تنموى فى ذالك الوقت فهل كنا سنستطيع بناء اسثماراتنا فى الخارج و تحقيق ألانجازات التنمويه فى السيتنات و السبعينات و تحول الكويت الى المركز التجارى فى الخليج فى ذالك الوقت !!!
يا ساده يا كرام العله أكبر من صفقة الداو و تداعياتها لانها لو وقعت الصفقه لاصبحت حبل المشنقه للشيخ ناصر المحمد و أتهامه بتبديد

ثروات الوطن و من هذا الكلام للتكسب الشعبى و الحشد السياسى المصلحى ... العله

 فى الشعب الكويتى و الثقافته التى التغيرت و أصبحت

معاديه لكل ما هو تنموى و أقتصادى و عملى  .......