Saturday 9 August 2014

من كتاب: How Asia Works – Success and Failure in the world’s Most Dynamic Region

 
 
هذا الكتاب بعنوان فى العربى " كيف تعمل الدول الآسيويه" الكتاب أصدار حديث للكاتب JOE STUDWELL   و هو مراسل أقتصادى و خبير فى الشؤون الأسيويه و يمتلك شبكة علاقات مع رجال الاعمال و السياسيين فى تلك القاره المهمه. الكتاب جدا ممتع و وضع الكاتب به خبرته عن كيفية تطورت بعض الدول الآسيويه و أصبحت فى مصاف الدول المتقدمه و تملك التكنولوجيا الذاتيه و الصناعات الجدا متطوره, و بالمقارنه لماذا دول آسيويه آخرى  لم تتطور و بقت على حالها و لم تستطع تكوين صناعات وطنيه لمنافسة الغرب. الكتاب يحلل أسباب الدول التى تطورت فى آسيا و هى اليابان, كوريا الجنوبيه و تايوان و فى المقارنه مع الدول التى لم تتطور مثل الفلبين, تايلند و أندونيسيا. فى النهايه الكتاب يضع فصلين مختلفين لمعالجة الحالة الماليزيه و الصينيه على حدى بسبب أختلافاتهم و أيضا وصولهم الى منتصف المرحله الاقتصاديه و لم ينجحوا بالكامل و فى نفس الوقت لم يفشلوا بالكامل أيضا ...
نبدأ فى أسباب تطور اليابان و كوريا الجنوبيه و تايوان بمقابل فشل أندونيسيا و الفلبين و تايلند, حيث الكتاب يعزو أسباب النجاحات و الفشل الى سببين رئيسيين يتعلقان بتوزيع الاراضى الزراعيه فى البدايه و أيضا خلق حماية الصناعات الوطنيه من المنافسه الخارجيه فى البدايه ...
1 ) توزيع الاراضى الزراعيه : أهم سبب فى نجاح الاقتصاديات اليابانيه و الكوريه الجنوبيه مع تايوان يعزوها الكاتب الى قوانين الاصلاح الزراعى و توزيع الاراضى للفلاحين. اليابان فى نهاية القرن التاسع عشر و مع الاصلاحات التى تسمى Meiji Restoration   قامت الدوله بتوزيع الاراضى على الفلاحين و أخذها من الاقطاع السابقين, حتى بعد الحرب العالميه الثانيه أدارة الاحتلال الامريكيه أمرت بقانون أكثر صرامه للاصلاح الزراعى و توزيع الاراضى الزراعيه بين اليابانيين. فى كوريا الجنوبيه أيضا بعد الحرب العالميه و الحرب الكوريه أمرت الاداره هناك بتوزيع الاراضى الزراعيه بالتساوى مع المزارعين, لان غالبية الاقطاع الكوريين تعاونوا مع الاحتلال اليابانى وقتها. تايوان أيضا بعد هروب الحكومة الوطنيه من الارض الصينيه نفسها و أنتقالها الى تايوان أرادت أن تحسن من صورتها و الابتعاد عن أخطائها السابقه. الحكومه الوطنيه فى فيرموزا أو كما تسوى تايوان لاحقا قامت بتوزيع الاراضى على السكان و أصبح هناك تساوى فى أمتلاك الاراضى. توزيع الاراضى فى حالات تلك الدول المذكوره يختلف عن المنهج الشيوعى بمصادرة الاراضى من أصحابها و توزيعها على الفلاحين, لكن يتم أصدار سندات لاصحاب الاراضى التى تم أخذ أراضيهم و يتم تعويضهم بالكامل على فترات زمنيه. توزيع الاراضى أعطى المواطنين فرصه لتحسين دخلهم بدل العمل فقط مقابل أجر زهيد عند الاقطاع. بعد توزيع الاراضى تحسن مدخول الفرد و نشطت التجاره و الصناعات الخفيفه فى القرى و البلدات الصغيره. بسبب تحسن مدخول المزارع الكبير بسبب حصوله على الارض الخاصه به, أستطاع الصرف على عائلته و تحسين من دخله و تشجيع أبنائه على التعليم و ظهر الجيل الجديد من ابناء المزارعين المتعلمين الذين قادوا البلد صناعيا و علميا فى البلدان المذكوره. فى المقابل فى أندونيسيا و الفلبين و تايلند بقت المزارع فى يد كبار الملاك أو الاقطاع, و غالبية المزارعين فقط يعملون مقابل أجر. الكثير من الخطط وضعت فى البلدان المعنيه لتوزيع الاراضى, لكن فشلت جميعا بسبب سطوة و قوة ملاك الاراضى تاريخيا و أيضا تأثيرهم على المشهد السياسى. لهذا بقى الريف و غالبية المواطنين فى الفلبين, أندونسيا و تايلند فى مستوى الفقر و الحاجه و لم يستطيعوا تعليم أبنائهم و لا تطوير أنفسهم و بقى رأس المال متركز فى يد الاقليه المتحكمه بالاراضى و الحيازات الزراعيه.
2) حماية الصناعات الوطنيه : قامت الدول اليابان, كوريا الجنوبيه و تايوان منذ بداية العهد الصناعى بوضع قوانين صارمه لحماية صناعاتها الوطنيه من المنافسه الحاده من الاجنبى لكى لا تخسر. اليابان فى بداية عهدها الصناعى فى القرن التاسع عشر أقتبست الاسلوب الالمانى فى حماية المنتج الوطنى فى بدايه و عند النضوج تفتح أسواقها للمنافسه. سارت كوريا على نفس المنوال فى الستينات لما حمت صناعاتها الناشئه و فرضت ضرائب عاليه على المنتوجات المستورده, خلال الثمانينات لما بدأت المنتوجات الكوريه بالمنافسه رفعت الدوله الحمايه, نفس الشيئ حصل مع تايوان. بينما أندونيسيا و الفلبين و تايلند لم يهتموا بالصناعات الوطنيه منذ البدايه و حمايتها, و أنتهجوا أسلوب التجاره الحره و فتحوا الاسواق للمنافسه مع البضائع الاجنبيه مما قتل الصناعات الوطنيه فى مهدها و منعها من المنافسه. فتحولت تلك الدول فقط الى مصنعه للاشياء الخفيفه مثل الصناعات القطنيه و غيرها لكن لا تستطيع المنافسه فى مستوى الصناعات الثقيله و التكنولوجيا العاليه عالميا.
3) تشجيع و أصرار الحكومات على الشركات للتصدير:  كان هدف اليابان, كوريا الجنوبيه و تايوان منذ البدايه تأسيس شركات و قطاع خاص لديه القدره على المنافسه الخارجيه و التصدير بالخصوص. لهذا تلك الدول قدمت فى البدايه جميع أشكال الدعم التقنى و المادى لشركاتها و مصانعها و وضعت لهم جدول زمنى لكى ينافس أنتاجهم عالميا, و أذا شركه فشلت فى الوصول الى أهدافها يتم حرمانها من الدعم الحكومى بكامل أشكاله. لمتابعة القطاع الخاص أسست تلك الدول مؤسسات حكوميه وظيفتها فقط متابعة القطاع الخاص و المصانع و مدها بجميع انواع المساعده للتصدير و المنافسه الخارجيه و تحسين منتوجاتها. فى اليابان بعد الحرب العالميه الثانيه تم تأسيس وزارة Ministry of International Trade and Industry MITI   و فى كوريا الجنوبيه تم تأسيس Economic Planning Board EPB  و فى تايوان تم أنشا  Industrial Development Bureau IDB . تلك الهيئات الحكوميه لديها صلاحيات جدا واسعه, و تفرض على القطاع الخاص لتطوير نفسه و متابعته للتصدير للخارج و تحسين منتجاته. و أيضا مده المصانع بكل السبل التقنيه و العلميه لتحسين عملهم. و أذا لم يلتزم أحدا من القطاع الخاص بخطط الدوله و تطوير الذات و التصدير الخارجى, يتم حرمانه من جميع المساعدات الحكوميه و يضع بالقائمه السوداء للشركات الفاشله و تحرم من جميع مميزات الدوله. بينما الدول التى فشلت مثل الفلبين, تايلند و أندونيسيا لم تؤسس قطاع دوله يتابع أعمال القطاع الخاص و يحثه على المنافسه الخارجيه و خلق تكنولوجيا ذاتيه. لهذا اصبح القطاع الخاص فى تلك الدول و المصانع كسوله و ليست مهتمه بجديه لتطوير نفسها و بقت على حالها. و بل أصبح رجال الاعمال فى الدول المذكوره يميلون أكثرا للاقتصاد الكسول المبنى على المضاربه و الخدمات أكثر من التصنيع و الابداع التكنولوجى بسبب عدم وجود رقابه على أعمالهم التجاريه و لا حثهم للتطوير و لا استخدام مبدأ العصى و الجزره معهم.
4) سياسات القطاع المالى و البنوك: ركزت اليابان, تايوان و كوريا الجنوبيه قطاعها المالي المتمثل بالبنوك و المؤسسات الماليه الاخرى للتركيز على تطوير الصناعى و مساعدة المصانع و الشركات للمنافسه الخارجيه. و قامت تلك الدول لتنفيذ سياساتها بفرض حزمه من القوانين الصارمه على البنوك و القطاع المالى بعدم الافراط فى الاقراض للامور الاستهلاكيه أو الشركات ذات طابع المضارباتى على الاسهم أو العقار. على النقيض الدول الثلاث الاخرى الفلبين, تايلند و أندونيسيا بسبب عدم وجود خطه أقتصاديه واضحه و جديه فى تنمية القطاع الصناعى, أنتجهت البنوك و الموسسات الماليه على تمويل العقار و المضاربات على الاسهم و بناء الابراج الشاهقه و تشجيع الاستهلاك للافراد. لهذا تضخم القطاع الخدماتى فى تلك الدول بسبب تمويل البنوك و قضى على كل الاحلام لبناء قطاع صناعى و أنتاجى حقيقى مبنى على التكنولوجيا و المنافسه العالميه.
 
بعدما أستعرضنا من الكتاب الاسباب الرئيسيه التى جعلت اليابان و كوريا الجنوبيه و تايوان تتفوق على نظيراتها الآسيويه فى صناعة أقتصاد قوى و ينافس الغرب, الكتاب يعرج الى حالتين وصلتنا الى منتصف الطريق لكن لم يفشلوا بالكامل و لم ينجحوا بالكامل أيضا. النموذجين يتعلقان بماليزيا و الصين و سنسرد الحالتين على أنفراد:
1)    ماليزيا. مع تسلم رئيس الوزراء مهاتير محمد الحكم كان له رؤيه منذ بداية الثمانينات لاقتباس النموذج الشرقى المتمثل فى اليابان فى أدارة الاقتصاد و سمى ذلك Looking East  . مهاتير يعرف مشاكل بلاده الاقتصاديه جيدا بعد الاستقلال و كان يرى أن الحل الوحيد للقضاء على الفقر و أنتشال ماليزيا من القاع و حماية أتحادها بالتنميه الاقتصاديه الحقيقيه. لكن مشكلة مهاتير محمد أن لم يطبق قواعد التفوق الاقتصادى الآسيوى لليابان بحذافيره و فقط أخذ القشور و لم يهتم بالتفاصيل الدقيقه و كان يهتم بالمجد الشخصى على حساب العمل الحقيقى. لم تهتم حكومة مهاتير منذ البدايه فى التوزيع العادل للاراضى و المزارع, و أبقتها فى يد الشركات الكبرى مثلما حال على أيام الاستعمار البريطانى, لهذا منذ البدايه لم تتوزع الثروه بشكل عادل بين الشعب للتطوير الذاتى. حكومة مهاتير لم تفرض على القطاع الخاص لانشاء شركات وطنيه للصناعات الذاتيه و خلق تكنولوجيا محليه, لهذا أتجه القطاع الخاص الماليزى للخدمات و التطوير العقارى و الصناعات الخفيفه على حساب الاقتصاد الحقيقى الانتاجى. مهاتير أعتمد على الشركات الحكوميه لانشاء صناعات ثقيله و تكنولوجيه, للاسف الشركات الحكوميه دخلت بها المحسوبيات و الترضيات السياسيه و فشلت فى خطها الاقتصادى. أيضا مهاتير فرض حزمه من القوانين لتمكين فقط المسلمين فى أدارة الشركات الانتاجيه و أبعد ذو الاصول الصينيه و الهنديه و الديانات الاخرى, مما قتل الابداع و التنافس بين افراد الوطن. فوق هذا لم تفرض حكومات مهاتير المتتاليه سياسيه متشدده على البنوك لتمويل فقط القطاعات المنتجه الصناعيه, لهذا أنتجهت البنوك لتمويل المضاربات و العقارات و الخدمات. فى النهايه الاقتصاد الماليزى فشل فى بناء صناعات وطنيه قويه منافسه و أعتمد على التكنولوجيا الغربيه و أستثمارات الشركات الاخرى الاجنبيه و أيضا القطاع الخدماتى و فشلت جميع جهود مهاتير لايصال الاقتصاد الماليزى لمرحلة اليابان بسبب عدم أهتمامه بالتفاصيل و فقط التركيز على العناوين الكبيره.
 
2)    الصين. المثال الآخر على حسب الكاتب هو الصين التى أيضا لا ينطبق عليها وصف الدوله التى فشلت أقتصاديا بالكامل و لا حتى نجحت بالكامل. الصين بعد الحرب العالميه الثانيه و تمكن الحزب الشيوعى صادرت جميع المزارع مع الاقطاع لكن بسبب سياسة الزراعه الجماعيه أنهار الانتاج الزراعى و حدثت المجاعات. فى 1977 و وفاة ماو و تسلم دى زاو بينغ الحكم, أمر بأعادة هيكلة الاقتصاد الصينى و جعله أكثر عصريه. أول شيئ عمله وزع المزارع بالتساوى على المزارعين و ترك لهم حرية العمل و الزراعه. النتيجه أرتفاع كبير فى الانتاج الزراعى و تحسن فى حياة الريف و المزارعين. ايضا فتحت الصين أقتصادها للاستثمارات الخارجيه و أصبحت مصنع العالم فى صناعة المواد المختلفه. قامت الحكوميه الصينيه بعدة أمور فى خطة التطوير الاقتصادى, أولها أنها أبقت البنوك المحليه تحت سيطرة الحكومه. تحكمت الصين بالبنوك و مصادر التمويل و منعت أستخدام رأس المال فى المضاربات و الخدمات و فقط وجهته للصناعات و الانتاج. الحكومة الصينيه لم تخصص الشركات الكبرى النفطيه و المتعامله فى مجال الاتصالات. حيت أبقت تلك الشركات تحت سيطرة الحكومة و أدارتها من خلال معينين من الحزب الشيوعى. غرض الاساسى أن الحكومة الصينيه لا تريد المضاربة القطاع الخاص على الوقود و المواد الاساسيه النفطيه و أيضا عدم التلاعب فى أسعار الاتصالات. فى نفس الوقت تركت الحكومه للقطاع الخاص مهمة تصنيع المواد الاستهلاكيه و الصناعات الخفيفه. تعمدت الحكومه الصينيه على ابقاء أسعار العمله الوطنيه رخيصه بالمقارنه مع أسعار صرف العملات الاجنبيه لتشجيع التصدير و المنافسه الخارجيه. بغض النظر عن بعض نجاح و أخفاقات الاصلاحات الصينيه الاقتصاديه لكن على حسب رآى الكاتب حتى أسائة الاداره من الحكومه لكن الاقتصاد الصينى يستوعبها بسبب العدد السكانى الكبير و السوق الداخلى الهائل. مع هذا الاقتصاد الصينى سيواجه مشاكل كثيره فى المستقبل بسبب تقدم عمر السكان و نقص الايدى العامله و الضغط على الخدمات و أرتفاع قيمة الصناعات و التلوث و فوقها عدم وجود تكنولوجيا محليه ذاتيه تنافس الدول الاخرى.
 
الكتاب يركز بالاساس أن نجاح الاقتصاد يتمثل فى الصناعات الوطنيه المنافسه و أيضا خلق التكنولوجيا الذاتيه و يتمثل ذلك فى الدول اليابان, كوريا الجنوبيه و تايوان. و الهدف الاساسى لاى نجاح اقتصادى حقيقى يتمثل بحسن توزيع الاراضى و مبادرة الدوله على تشجيع و حماية الصناعات الوطنيه بكل الطرق. يحذر الكتاب من عدم الرقابه الحكوميه الصارمه على الخطط الاقتصاديه و الرجال الاعمال, حيث عدم الرقابه يقتل الاقتصاد الحقيقى و يشجع أقتصاد المضاربات و الخدمات على حساب الانتاج. الكتاب جدا ممتع و به الكثير من التفاصيل و الامثله الحيه الجميله و هذا فقط ملخص لاهم النقاط التى تعتبر الركن الاساسى فى الكتاب.