Friday 25 November 2011

حراك الشبابى الكويتى و تاريخ حزب البعث العربى الاشتراكى !!!

يستغرب الكثيرين من عنوان المقال للرابط بين حراك الشارع الكويتى من الناحيه السياسيه من جهه و خصوصا أن البعض يطلق عليه الربيع الكويتى و تاريخ حزب البعث العربى بشقيه السورى و العراقى من الجهه الاخرى.  يتخذ الحراك الشبابى السياسى فى الكويت الطابع السلمى و المطالبه للمزيد من الديمقراطيه و زيادة سقف الحريات, بينما يتصف حزب البعث الدمويه, القهر, الانقلابات و الحكم الاستخبارى العتيد.  لكن فى التدقيق بين التجربه الوليده الحاليه للحراك الشبابى الكويتى نجد التشابه الكبير خصوصا مع بدايات تاريخ حزب البعث العربى و نشوءه و تطوره.  المعارضه الشبابيه حاليا فى الكويت سئمت من الوضع الحالى من جمود على كافة الاصعده فى الدوله و عدم التطور و ايضا ضبابية المشهد المستقبلى فى البلد.  لهذا أخذ الشباب المبادره فى الكويت للخروج الى الشارع و رفع سقف المطالب لتغيير الواقع الكويتى بعد عقود من الفوضى و صراع الاسره الحاكمه و كوارث مرت على البلد من تزوير الجنسيات و أنهيار سوق المناخ و الغزو المدمر و غيرها من المصائب التى حلت على الكويت.  ووسط هذا الاحباط و الخراب الذى أصاب البلد فى كل مرافقه بلا أستثناء تولدت حركة الشباب السياسيه لممارسة الضغط و التغيير عن طريق الشارع و الاعتصامات وليس من خلال قبة البرلمان و آلياته الدستوريه.  من الجانب الآخر تقريبا نفس الظروف من الاحباط تكون حزب البعث العربى الاشتراكى خصوصا بعد الحرب العالميه الاولى و أنهيار الدوله العثمانيه الراعيه للدول العربيه.  بعد سقوط العثمانيين تشرذم العالم العربى و وقع تحت الاحتلال الاجنبى و أنسلخت بعضا من اراضيه مثل الاسكندرون للاتراك, و فلسطين لليهود.  و أمام هذا الجو الكئيب و المحبط فى العالم العربى, قام مجموعه من الشباب المثقف فى ذلك الوقت و خصوصا فى أواخر الثلاثينات و الاربعينات و منهم زكى الارسوزى, صلاح البيطار و ميشيل عفلق بتشكيل حزب البعث لاعادة الروح للامه العربيه و نشر الوعى القومى لمرحلة الكفاح ضد الاستعمار و توحيد الدول العربيه فى ظل دوله عربيه واحده و قويه.  كانت بدايات البعث العربى مبنيه على اسس دمقراطيه قويه و أفكار تدعو للتنوير و التقدم و استخدام العقل و المنطق للتخلص من واقع التخلف العربى.  لهذا أنضم الكثير من المثقفين و المتعلمين لحزب البعث فى البدايه وأكتسب زخما خصوصا بين أبناء الطبقه المتوسطه فى المدن و المتعلمين منهم بالتحديد.  لكن نقطة التحول فى تاريخ حزب البعث بشقيه العراقى و السورى حدثت خلال الخمسينات و بعدها فى أختراق الحزب من المحرومين من أبناء القرى و الاقليات و العسكريين.  بدخول القادمين الجدد الى حزب البعث ومن ثقافات عنيفه و غير مؤمنه أصلا فى العمل السياسى الدمقراطى قلبت المعادله داخل حزب البعث حيث تحول الحزب من بعد ما كان آله للتنوير و التثقيف الى معول للهدم و القتل و السيطره على السلطه.  و فوق هذا أصبحت الفئه المثقفه الاصيله التى شكلت الحزب من البدايه الى أقليه داخل الحزب ولا حول لهم ولا قوه و فوق هذا تعرض الكثيرين منهم للتعذيب و القتل و النفى على يد الوافدين الجدد على الحزب فقط لاختلاف الآراء و التوجهات. 
نعود للحراك الشبابى الكويتى, حيث بدأت من مجموعه من الشباب ذو توجهات مدنيه ليبراليه من أيام حملة ما تسمى نبيها خمس للتخلص من الدوائر ال25 التعيسه الى نظام دوائر جديد أكثر مرونه و أقل فسادا.  و أستمرت هذه الحمله أيضا لتغيير رئيس الوزراء الحالى بداعى عدم قدرته على أدارة البلاد و العبور بالكويت الى بر الامان و التخلص من تراكمات الماضى الكئيب.  لكن المشكله فى الشارع الشبابى الحالى المعارض, انه ليس مثل بداياته ذو الطيف التحررى الدمقراطى الكامل, لكن تسلل الى هؤلاء الشباب الصادق أصحاب أجندات أخرى لا تمت بصله لاصلاح الكويت و أنتشالها من حالتها الحاليه.  خلال مسح سريع لنوعية التحرك الشبابى الموجود فى الشارع حاليا, نجدهم منقسمين الى ثلاثة اقسام رئيسيه :
1) الشباب الوطنى المؤمن بالديمقراطيه و حرية الرآى وصادق فى نهجه التقدمى, ممن بدأوا فى تحريك الشارع للمزيد من الديمقراطيه ورفع سقف الحريات و أجراء تغيير جذرى على رأس هرم الحكومه و تغيير النهج القديم فى أدارة البلد للتحول الى الدوله العصريه الكامله.  وهؤلاء الشباب يعيشون فى عالم من الاحلام و الخيال أن الامور ستكون على مايرام فى حالة تحول الكويت الى دوله دستوريه كامله و تنتهى جميع المشاكل !
2) مجاميع من الجماعات الدينيه خصوصا المنتميه الى جماعة الاخوان المسلمين.  تلك الجماعات الدينيه خسرت الكثير فى العهد السياسى الجديد بعد وصول الشيخ ناصر المحمد لسدة رئاسة الوزراء خصوصا حلفهم القديم مع السلطه.  الجماعات الدينيه فى مأزق الآن حيث أن النهج الليبرالى لرئيس الوزراء الحالى يضع كبار الاخوان و غيرهم من الجماعات الدينيه فى حاله من الحرج مع قواعدهم لهذا يستغلون حاليا حراك الشارع للصعود على ظهور الشباب للابتزاز السياسى و عودة حلفهم القديم و تفاهماتهم مع النظام.
3) مجاميع قبليه خصوصا منها المنتميه الى عهد التجنيس السياسى القريب.  هؤلاء المجاميع لهم نظره شموليه ان جميع الحضر سرقو البلد و جميعهم أستولو على خيراته و لم يبق شيئا للاخرين.  لهذا تنظر تلك المجاميع القبليه لهذا الحراك الشبابى كفرصه لرفع السقف للوصول الى سدة رئاسة الوزراء و أزاحة فئة الحضر المسيطرين على مفاصل الدوله و الاستئثار بما تبقى من الثروه الوطنيه.
أمام هذا الوضع المعقد على صعيد الحراك السياسى الكويتى, يعتبر الشباب الوطنى الصادق فى تحركه أقليه من بين المجاميع الدينيه و الاخرى القبليه.  و سيكون السيناريو الكويتى فى حالة نجاحه (طبعا مستبعد جدا فى الوقت الحالى) ان يكون نسخه مطابقه للنموذج المصرى و التونسى.  فى الدولتين كان للشباب المدنى الليبرالى أو ما يسمى شباب التويتر و الفيسبوك الطليعه فى أشعال الثورات هناك و التضحيه بالغالى و النفيس.  و بعد أستتبات و الامر و نجاح الثوره تم أختطافها من قبل الاسلاميين و خرج الشباب الليبرالى مشعل الثوره من المولد بلا حمص !  لهذا على الشباب الغيور على وطنه من الآن عدم أعطاء الفرصه لقوى أخرى غير ديمقراطيه و ايضا لا تؤمن بالحريات, باستخدامهم كجسر للعبور و ينتهى حال الشباب الوطنى كمثل الاولين المؤسسين لحزب البعث يندبون حظهم على الحزب الذى سرق منهم و أنتهى بهم الحال على نواصى الشوارع و مشردين من أوطانهم ......
نشرت فى صحيفة الحصيله الالكترونيه



Thursday 10 November 2011

حكم المحكمه الدستوريه, تفسير أو تنقيح !!!

كان لحكم المحكمه الدستوريه الاخير فى تفسير نصوص المواد (100), (123) و (127) من الدستور الوقع الاكبر على الكثير من السياسيين (بالاخص ممن يصفون أنفسهم يالمعارضه)  و أكدت المحكمه فى تفسيرها على أن رئيس الوزراء مسؤول عن السياسه العامه للحكومه و أن فقط أى مسؤوليه سياسيه أمام مجلس الامه تقع على وزراء فرادى فكل وزير مسؤول عن عمل وزارته.  ولم يكتف النواب و السياسيين و القانونيين أيضا فى الجانب المعارض بتصحيح أخطائهم السابقه بأستجواب رئيس الوزراء, بل  تمادوا أكثر و قاموا بدعوة ما قامت به المحكمه الدستوريه بأنه تنقيح للدستور و أضافة نصوص لحماية موقع رئيس الوزراء من أى أستجواب قادم.  ومن الجانب اللآخر أكد حكم الدستوريه بصحة ما كان يقول به بعض الخبراء الدستوريين فى الكويت منذ أستجواب النائب فيصل المسلم لرئيس الوزراء و مرورا بأستجواب مشكلة الصليبخات أن رئيس الوزراء لا يحاسب على أخطاء فرديه و عاديه أنما فقط فى حاله فشل السياسه العامه للحكومه أو وقوع كارثه قاصمه تحل بالبلد و تفشل مؤسسات الدوله مجتمعه فى التعامل معها.  على سبيل المثال, الغزو الذى أنهارت به جميع أجهزة الدوله الامنيه و العسكريه و السياسيه و غيرها بسويعات, نعم هنا يجب محاسبة رئيس الوزراء.  أو المثال الأخر بأنهيار سوق الاوراق الماليه فى 82 أو بما يسمى أزمة المناخ التى أنهارت معها الرقابه الماليه و القيم فى المجتمع الكويتى و تراكمت خسائرها لاكثر من 15 مليار دينار وكاد أن ينهار معها النظام المصرفى و التجارى برمته فى الكويت, ايضا هنا لفداحة الكارثه و سقوط أكثر من جهه رقابيه فى البلد ففى هذه الحاله  يصح توجيه الاستجواب لرئيس الوزراء لانهيار السياسه العامه للحكومه بكارثه فادحه بمعنى الكلمه.   المهم فى مقالنا لهذا الاسبوع أن نستعرض مدى صحة التهويلات والمخاوف التى يسوقها البعض بأن حكم الدستوريه هو تنقيح للدستور و ليس تفسير ....
ماذهبت به المحكمه الدستوريه و أستفتت به كان تفسير مواد دستوريه و محاولة شرحها بصوره ميسره و تأكيدها بصوره ولغه أخرى مبسطه و ليس تغيير معنى النص الاساسى كما تدعى المعارضه فى قصدها "بالتنقيح".  التنقيح الصحيح كما تدعى المعارضه يكون على سبيل المثال عندما تقوم المحكمه الدستوريه بتفسير الماده الثانيه فى الدستور و تذكر المحكمه أن الشريعه الاسلاميه "المصدر" الرئيسى للتشريع, باضافة الف لام للمصدر يعنى المحكمه نقحت الدستور عن بكرة أبيه و أعتبرت الشريعه الاسلامه المصدر الرئيسى للتشريع فى الكويت و ليس كما فى نص الدستور الاصلى من أعتبار الشريعه الاسلاميه من أحد مصادر التشريع فى البلد من غير ألف لام التعريف.  ففى هذه الحاله يجب تغيير جميع القوانين و اللوائح فى الكويت سواء السياسيه و الاجتماعيه أو الاقتصاديه لكى تتماشى مع التفسير الجديد للدستور بعد اضافة ألف لام التعريف من قبل المحكمه و زد على ذلك نسف الدستور عن بكره ابيه من لتحويل الكويت من دوله مدنيه الى دينيه.  المثال الآخر أيضا لو المحكمه الدستوريه تقوم بتفسير الماده ال13 من الدستور التى تنص على  أن (التعليم ركن اساسى لتقدم المجتمع و تكفله الدوله و ترعاه) و تقوم المحكمه بتفسير النص بدل تكفله الدوله الى "لا" تكفله الدوله و"لا" ترعاه.  ففى هذه الحاله ايضا المحكمه نقحت الدستور بكامله بكلمة "لا" فى الماده الثالثه عشر وأزاحت يد الدوله بالكامل من تعليم الشعب و توفير سبل و البنيه الاساسيه للتعلم من مدارس و كليات و بعثات دراسيه و غيرها.  أما الحكم الاخير للدستوريه فكان فقط أعادة تفسير النصوص الدستوريه و التأكيد على أختصاصات رئيس الوزراء و ما هو المباح و الغير المباح فى أستجوابه من الناحيه القانونيه.  ومن جانب آخر أيضا مذكرات فريق الدفاع ضد طلب تفسير رئيس الوزراء أمام المحكمه الدستوريه كانت جدا ضعيفه من ناحية الردود القانونيه مما اثار أستغراب الكثير من القانونيين من البدايه بمدى قوة حجة فريق المعارضه من الناحيه القانونيه و مدى فهمهم لنصوص الدستور الكويتى ...  أذن لما الاصرار حتى هذه الساعه من قبل الفريق المعارض بالمكابره على حكم المحكمه الدستوريه و تحميله بما لا يحتمل و خلق نظريات المآمره و الادعاء الى العوده الى العهد المشيخى السابق ؟؟؟
بأعتقادى الشخصى هناك أكثر من سبب يجعل فريق المعارضه يستمر بالتمادى فى رفض حكم الدستوريه و التشكيك به :
أولا, فى صفوف المعارضه من يصفون أنفسهم بالخبراء الدستوريين و لطالما لمعوا أنفسهم أمام العامه ووسائل الاعلام على أنهم مفاتيح الدستور السريه و تفسيراتهم هى التى تمثل روح الدستور و نصوصه الاصليه.  طبعا حكم الدستوريه الاخير كشف هؤلاء "الخبراء الدستوريين" بأنهم لا يفقهون بالدستور ولكن كانوا على طول تلك المده يفسرون النصوص على حسب أهوائهم الفكريه و ليس على اساس المكتوب فى الدستور.  وفى حالة اعتراف ما يسمى الخبراء الدستوريين لفريق المعارضه بحكم الدستوريه الاخير بالنسبه لاستجواب رئيس الوزراء, يعنى أنكشافهم أمام الشعب و بداية المسائله بمدى صحة التفسيرات السابقه لمختلف مواد الدستور لهؤلاء المدعين كخبراء دستوريين. 
ثانيا, البعض من الشخصيات من جانب المعارضه أيضا لطالما أدعوا أنهم حماة الدستور من أى عبث و تغيير من جانب النظام حتى أن أحدهم يلقب بقلب الدستور ! ففى حالة أعترافهم فى الحكم يعنى أنهم أكثر من كان يعبث فى الدستور و يتلاعب فى نصوصه على عكس شعاراتهم التاريخيه. لهذا بقائهم الى جانب رفض حكم الدستوريه و التشكيك به أفضل لهم من الاعتراف بالحكم حتى لا يظهروا أمام العامه بعبثهم بالدستور فى أستجواباتهم الغير دستوريه لرئيس الوزراء. 
ثالثا, كشف حكم الدستوريه ان هناك فئه من المعارضه أصلا لا تعترف فى الدستور الحالى بحذافيره و فقط تأخذ منه ما يناسبهم و رد مالا يناسب طموحاتهم.  على سبيل المثال لما حكمت الدستوريه بقانون التجمعات العامه و عدم الحاجه للموافقه المسبقه من طرف السلطه هللوا للحكم و أصبحوا يستشهدون به فى كل مناسبه, وعندما يكون الحكم الدستوريه ضد طموحاتهم يميلون للتشكيك و عدم القبول به !
رابعا, رفض حكم الدستوريه و الاصرار على تفسير الدستور من جانب أعوج من قبل جموع المعارضه يكشف أيضا عن الشخصيه العربيه و الكويتيه التى تعاند و تكابر أيضا أمام الحقائق و ترفض الاعتذار عن الاخطاء السابق.  تلك الشخصيه العربيه بها دكتاتور داخلى يرفض الاعتذار عن الاخطاء السابقه كما فى حالة الانسان و الثقافه الغربيه, مما تدفع الشخصيه العربيه الى الجمود و تكرار الاخطاء السابقه مما يوقعها فى مصائب مستقبليه.  لهذا نجد طرف المعارضه يظل يكابر على حكم الدستوريه و بل يذهب بعيدا للتشكيك به و أنه فقط ذو الرآى الصحيح.  طبعا التمادى على الخطأ و عدم المرونه فى التعاطى تلك أم المصائب التى جرت الامه العربيه الى الكوارث و عدم الادراك الصحيح بالتعامل مع الاحداث بسياقها الصحيح.
أمام أنكشاف الكثيرين أمام حكم المحكمه الدستوريه, ليس لنا الا التمسك بالحكم الدستورى  لأنه المناره التى تقونا لبر الامام
الدستورى.  و نذكر أن المحكمه الدستوريه لطالما كانت أحكامها الدستوريه فى صف الدستور و الديمقراطيه و لم تنحاز لطرف
السلطه أو حتى الطرف الآخر.  فنذكر بحكم المحكمه الدستوريه التاريخى فى 86 لما أعطت الغطاء السياسى لمجلس الامه للتفتيش
على أتهامات المال السياسى من البنك المركزى ضد رغبة و مناورات الحكومه فى ذلك الوقت.  أيضا كان للمحكمه الدستوريه
الرآى لحسم رئاسة مجلس الامه لصالح النائب أحمد السعدون فى 96 ضد النائب جاسم الخرافى المؤيد من قبل الحكومه أيضا بسبب
الورقه البيضاء خلال التصويت.  لنلعب السياسة بصورتها المتكامله و المبنيه على الدستور و مواده و لنكف عن العبث و محاولات
 اللعب السياسى خارج الدستور لما له من أخطار جمه على مستقبل الكويت و ثقة الناس بنظامها السياسى.

نشرت فى صحيفة الحصيله الالكترونيه