Thursday 10 November 2011

حكم المحكمه الدستوريه, تفسير أو تنقيح !!!

كان لحكم المحكمه الدستوريه الاخير فى تفسير نصوص المواد (100), (123) و (127) من الدستور الوقع الاكبر على الكثير من السياسيين (بالاخص ممن يصفون أنفسهم يالمعارضه)  و أكدت المحكمه فى تفسيرها على أن رئيس الوزراء مسؤول عن السياسه العامه للحكومه و أن فقط أى مسؤوليه سياسيه أمام مجلس الامه تقع على وزراء فرادى فكل وزير مسؤول عن عمل وزارته.  ولم يكتف النواب و السياسيين و القانونيين أيضا فى الجانب المعارض بتصحيح أخطائهم السابقه بأستجواب رئيس الوزراء, بل  تمادوا أكثر و قاموا بدعوة ما قامت به المحكمه الدستوريه بأنه تنقيح للدستور و أضافة نصوص لحماية موقع رئيس الوزراء من أى أستجواب قادم.  ومن الجانب اللآخر أكد حكم الدستوريه بصحة ما كان يقول به بعض الخبراء الدستوريين فى الكويت منذ أستجواب النائب فيصل المسلم لرئيس الوزراء و مرورا بأستجواب مشكلة الصليبخات أن رئيس الوزراء لا يحاسب على أخطاء فرديه و عاديه أنما فقط فى حاله فشل السياسه العامه للحكومه أو وقوع كارثه قاصمه تحل بالبلد و تفشل مؤسسات الدوله مجتمعه فى التعامل معها.  على سبيل المثال, الغزو الذى أنهارت به جميع أجهزة الدوله الامنيه و العسكريه و السياسيه و غيرها بسويعات, نعم هنا يجب محاسبة رئيس الوزراء.  أو المثال الأخر بأنهيار سوق الاوراق الماليه فى 82 أو بما يسمى أزمة المناخ التى أنهارت معها الرقابه الماليه و القيم فى المجتمع الكويتى و تراكمت خسائرها لاكثر من 15 مليار دينار وكاد أن ينهار معها النظام المصرفى و التجارى برمته فى الكويت, ايضا هنا لفداحة الكارثه و سقوط أكثر من جهه رقابيه فى البلد ففى هذه الحاله  يصح توجيه الاستجواب لرئيس الوزراء لانهيار السياسه العامه للحكومه بكارثه فادحه بمعنى الكلمه.   المهم فى مقالنا لهذا الاسبوع أن نستعرض مدى صحة التهويلات والمخاوف التى يسوقها البعض بأن حكم الدستوريه هو تنقيح للدستور و ليس تفسير ....
ماذهبت به المحكمه الدستوريه و أستفتت به كان تفسير مواد دستوريه و محاولة شرحها بصوره ميسره و تأكيدها بصوره ولغه أخرى مبسطه و ليس تغيير معنى النص الاساسى كما تدعى المعارضه فى قصدها "بالتنقيح".  التنقيح الصحيح كما تدعى المعارضه يكون على سبيل المثال عندما تقوم المحكمه الدستوريه بتفسير الماده الثانيه فى الدستور و تذكر المحكمه أن الشريعه الاسلاميه "المصدر" الرئيسى للتشريع, باضافة الف لام للمصدر يعنى المحكمه نقحت الدستور عن بكرة أبيه و أعتبرت الشريعه الاسلامه المصدر الرئيسى للتشريع فى الكويت و ليس كما فى نص الدستور الاصلى من أعتبار الشريعه الاسلاميه من أحد مصادر التشريع فى البلد من غير ألف لام التعريف.  ففى هذه الحاله يجب تغيير جميع القوانين و اللوائح فى الكويت سواء السياسيه و الاجتماعيه أو الاقتصاديه لكى تتماشى مع التفسير الجديد للدستور بعد اضافة ألف لام التعريف من قبل المحكمه و زد على ذلك نسف الدستور عن بكره ابيه من لتحويل الكويت من دوله مدنيه الى دينيه.  المثال الآخر أيضا لو المحكمه الدستوريه تقوم بتفسير الماده ال13 من الدستور التى تنص على  أن (التعليم ركن اساسى لتقدم المجتمع و تكفله الدوله و ترعاه) و تقوم المحكمه بتفسير النص بدل تكفله الدوله الى "لا" تكفله الدوله و"لا" ترعاه.  ففى هذه الحاله ايضا المحكمه نقحت الدستور بكامله بكلمة "لا" فى الماده الثالثه عشر وأزاحت يد الدوله بالكامل من تعليم الشعب و توفير سبل و البنيه الاساسيه للتعلم من مدارس و كليات و بعثات دراسيه و غيرها.  أما الحكم الاخير للدستوريه فكان فقط أعادة تفسير النصوص الدستوريه و التأكيد على أختصاصات رئيس الوزراء و ما هو المباح و الغير المباح فى أستجوابه من الناحيه القانونيه.  ومن جانب آخر أيضا مذكرات فريق الدفاع ضد طلب تفسير رئيس الوزراء أمام المحكمه الدستوريه كانت جدا ضعيفه من ناحية الردود القانونيه مما اثار أستغراب الكثير من القانونيين من البدايه بمدى قوة حجة فريق المعارضه من الناحيه القانونيه و مدى فهمهم لنصوص الدستور الكويتى ...  أذن لما الاصرار حتى هذه الساعه من قبل الفريق المعارض بالمكابره على حكم المحكمه الدستوريه و تحميله بما لا يحتمل و خلق نظريات المآمره و الادعاء الى العوده الى العهد المشيخى السابق ؟؟؟
بأعتقادى الشخصى هناك أكثر من سبب يجعل فريق المعارضه يستمر بالتمادى فى رفض حكم الدستوريه و التشكيك به :
أولا, فى صفوف المعارضه من يصفون أنفسهم بالخبراء الدستوريين و لطالما لمعوا أنفسهم أمام العامه ووسائل الاعلام على أنهم مفاتيح الدستور السريه و تفسيراتهم هى التى تمثل روح الدستور و نصوصه الاصليه.  طبعا حكم الدستوريه الاخير كشف هؤلاء "الخبراء الدستوريين" بأنهم لا يفقهون بالدستور ولكن كانوا على طول تلك المده يفسرون النصوص على حسب أهوائهم الفكريه و ليس على اساس المكتوب فى الدستور.  وفى حالة اعتراف ما يسمى الخبراء الدستوريين لفريق المعارضه بحكم الدستوريه الاخير بالنسبه لاستجواب رئيس الوزراء, يعنى أنكشافهم أمام الشعب و بداية المسائله بمدى صحة التفسيرات السابقه لمختلف مواد الدستور لهؤلاء المدعين كخبراء دستوريين. 
ثانيا, البعض من الشخصيات من جانب المعارضه أيضا لطالما أدعوا أنهم حماة الدستور من أى عبث و تغيير من جانب النظام حتى أن أحدهم يلقب بقلب الدستور ! ففى حالة أعترافهم فى الحكم يعنى أنهم أكثر من كان يعبث فى الدستور و يتلاعب فى نصوصه على عكس شعاراتهم التاريخيه. لهذا بقائهم الى جانب رفض حكم الدستوريه و التشكيك به أفضل لهم من الاعتراف بالحكم حتى لا يظهروا أمام العامه بعبثهم بالدستور فى أستجواباتهم الغير دستوريه لرئيس الوزراء. 
ثالثا, كشف حكم الدستوريه ان هناك فئه من المعارضه أصلا لا تعترف فى الدستور الحالى بحذافيره و فقط تأخذ منه ما يناسبهم و رد مالا يناسب طموحاتهم.  على سبيل المثال لما حكمت الدستوريه بقانون التجمعات العامه و عدم الحاجه للموافقه المسبقه من طرف السلطه هللوا للحكم و أصبحوا يستشهدون به فى كل مناسبه, وعندما يكون الحكم الدستوريه ضد طموحاتهم يميلون للتشكيك و عدم القبول به !
رابعا, رفض حكم الدستوريه و الاصرار على تفسير الدستور من جانب أعوج من قبل جموع المعارضه يكشف أيضا عن الشخصيه العربيه و الكويتيه التى تعاند و تكابر أيضا أمام الحقائق و ترفض الاعتذار عن الاخطاء السابق.  تلك الشخصيه العربيه بها دكتاتور داخلى يرفض الاعتذار عن الاخطاء السابقه كما فى حالة الانسان و الثقافه الغربيه, مما تدفع الشخصيه العربيه الى الجمود و تكرار الاخطاء السابقه مما يوقعها فى مصائب مستقبليه.  لهذا نجد طرف المعارضه يظل يكابر على حكم الدستوريه و بل يذهب بعيدا للتشكيك به و أنه فقط ذو الرآى الصحيح.  طبعا التمادى على الخطأ و عدم المرونه فى التعاطى تلك أم المصائب التى جرت الامه العربيه الى الكوارث و عدم الادراك الصحيح بالتعامل مع الاحداث بسياقها الصحيح.
أمام أنكشاف الكثيرين أمام حكم المحكمه الدستوريه, ليس لنا الا التمسك بالحكم الدستورى  لأنه المناره التى تقونا لبر الامام
الدستورى.  و نذكر أن المحكمه الدستوريه لطالما كانت أحكامها الدستوريه فى صف الدستور و الديمقراطيه و لم تنحاز لطرف
السلطه أو حتى الطرف الآخر.  فنذكر بحكم المحكمه الدستوريه التاريخى فى 86 لما أعطت الغطاء السياسى لمجلس الامه للتفتيش
على أتهامات المال السياسى من البنك المركزى ضد رغبة و مناورات الحكومه فى ذلك الوقت.  أيضا كان للمحكمه الدستوريه
الرآى لحسم رئاسة مجلس الامه لصالح النائب أحمد السعدون فى 96 ضد النائب جاسم الخرافى المؤيد من قبل الحكومه أيضا بسبب
الورقه البيضاء خلال التصويت.  لنلعب السياسة بصورتها المتكامله و المبنيه على الدستور و مواده و لنكف عن العبث و محاولات
 اللعب السياسى خارج الدستور لما له من أخطار جمه على مستقبل الكويت و ثقة الناس بنظامها السياسى.

نشرت فى صحيفة الحصيله الالكترونيه     

No comments:

Post a Comment