Wednesday 26 October 2011

هل فى سقوط النظام السورى بالضروره سقوط النظام الايرانى كما يدعون ؟؟؟

يلاحظ الكثيرون الحماس الغير منقطع النظير خصوصا من بعض الاطراف داخل الكويت من نواب و شخصيات سياسيه و صحفيين أيضا للاحداث السوريه والمطالبات الشعبيه فى سوريا لتغيير النظام.  وفى الوقت ذاته هناك أحداث لا تقل جسامة عما يحدث فى سوريا فى أكثر من قطر عربى آخر مثل اليمن لكن لا تتحرك جفونهم ولا نشاهد حماسهم و تفاعلهم كما الحال مع المشهد السورى.  نلاحظ من خلال التصريحات و بعض المقالات لهؤلاء المتحمسين للوضع السورى, أن الموضوع ليس تعاطفا مع الشعب السورى أنما أمنيه لسقوط النظام سورى, لكى ينحل عقد التحالف مع النظام الايرانى و تنتهى أسطورة حزب الله اللبنانى و أنتصاراته المحرجه لبعض العرب و الخليجيين خصوصا ضد الاسرائليين.  و يذهب هؤلاء المتحمسون بعيدا فى تحليلهم للوضع السورى, و ربطهم لسقوط النظام السورى بحتمية سقوط النظام الاسلامى فى أيران و أستبداله بنظام آخر مقبول لديهم و البعض منهم ذهب خياله بعيدا وربط بين أنهيار النظام فى سوريا بتفكك أيران على دويلات صغيره على اسس طائفيه و عرقيه !!! نريد من خلال هذه المقاله أستعراض التاريخ و مجريات الاحداث التى مرت على الدوله الايرانيه و الشعب الفارسى و ربطها بمدى صحة الادعاء بأن أنهيار سوريا يعنى أنهيار أيران لا محاله !
بسبب التاريخ الطويل للشعب الايرانى و الجغرافيا الوعره يتميز الايرانيون بالتكيف مع الاحداث و الحوادث و تطويعها لصالحهم فى النهايه.  عندما نستعرض التاريخ الفارسى القديم بشكل مركز نقرأ الكثير من النصوص الاغريقيه القديمه و أيضا الرومانيه عن تكيف الفرس فى الحروب و المصادمات و تغيير تكتيكاتهم العسكريه و نوعيه الاسلحه بعد كل مواجهه.  وصولا الى عهد الفتوحات الاسلاميه و أنهيار الدوله الفارسيه الكسرويه و دخول الفاتحين العرب الى بلاد فارس, لم يكتف الشعب الفارسى بالهزيمه و الانصياع الكامل للغازين العرب كما فعلت الامم و الشعوب الاخرى لتستسلم لخيار الهزيمه و الانقياد للحكام العرب الجدد.  لقد استوعب الشعب الفارسى الهزيمه بسرعه و دخلوا فى الاسلام و بدأوا بالتمدد داخل أركان الدوله الاسلاميه و أصبح للفرس الحضوه فى أعلى سلم فى الدويلات الاسلاميه و حتى فى بعض الفترات التاريخيه كان للفرس اليد الطولى و العليا فى رسم السياسات و الاستراتيجيات للدول الاسلاميه و مماليكها, ولا ننسى حتى الكتابه فى دواوين الدول السلاميه كانت فى الغه الفارسيه ببدايتها.  ولم يكتفو بذلك, بل قام الفرس بتأسيس دولهم القويه داخل الجسد الاسلامى بعد ضعف الدوله العباسيه,و أسترجع الفرس لاحقا دولتهم الفارسيه القويه المتممده بصور أخرى مثل الدوله الصفويه و عهد نادر شاه و أيضا الدوله القاجاريه, ووصلت بعض تلك الدول الى اقاصى آسيا الوسطى و أبواب نيودلهى فى الهند مكونة أمبراطوريه فارسيه شاسعه فى داخل الجسد الاسلامى.  فى العهد الحديث بعد الثوره الاسلاميه مباشره و الهجوم المباغت لصدام على ايران فى ال 1980 , ايضا سارع الايرانيون الى تحويل هزيمتهم الى أنتصارات متلاحقه ضد الجيش العراقى  بل و أجتازوا الحدود ليحتلوا قطع مهمه فى داخل الاراضى العراقيه و أستفادو من الحرب العراقيه الايرانيه لتوطيد أركان نظام الدوله الاسلاميه الوليده.  ولاننسى فى الوقت الحالى أنه على رغم من الصعوبات الجمه و الحصار الدولى أستطاع الايرانيون المناوره فى الملف النووى و التقدم فى الشأن النووى بأعتراف دول الغرب و أكتساب الجزء الاهم من التكنولوجيا النوويه و أفتتاح أول محطه نوويه لتوليد الطاقه الكهربائيه فى منطقة الشرق الاوسط. 
أمام ذلك التاريخ الفارسى الطويل الحافل بالتطور و التعايش مع التحتديات بمختلفها, يكون ضربا من الخيال تبسيط الامور الى درجة ربط أنهيار النظام السورى بتمزق النظام الايرانى و فقد تواصله التام مع حركات المقاومه فى المنطقه خصوصا حزب الله اللبنانى.  نعم فى حالة السقوط السورى ستواجه ايران فى البدايه نوعا من الفتور من النظام السورى القادم الجديد, و أيضا صعوبه فى توصيل المساعدات اللوجستيكيه و العسكريه لحلفها القوى حزب الله فى لبنان.  لكن الايرانيين لديهم القدره الدبلوماسيه لازالة الحواجز و العوائق, و هاهم الآن لديهم كما تقول بعض الاخبار نوع من أنواع الاتصال السرى مع الاخوان المسلمين فى سوريا  عن طريق بعض الشخصيات الاسلاميه فى المنطقه للتحضير لمرحلة ما بعد حكم الاسد.  الدبلوماسيه الايرانيه تعمل بطريقه ديناميكيه و تنظر الى مرحلة الامر الواقع أكثر من النظرات الشخصيه الضيقه التى للاسف تتعامل معها الدبلوماسيه العربيه مع خصومها.  لاننسى انه فى  خضم الحرب الايرانيه العراقيه لم تسحب أيران كل دبلوماسيها من سفارتها فى بغداد, بل أبقت القائم بالاعمال حتى لا تظهر أيران أمام العالم بمشهد المبادر بالحرب و العنف حسب العرف الدبلوماسى والقانون الدولى.  على صعيد المساعدات لحزب الله اللبنانى, نعم ستواجه أيران مشكله كبيره لتوصيل المساعدات خصوصا العسكريه منها. لا ننسى المرونة  التى يتمتع بهاالايرانيين و القدره على الابتكار تحت مختلف الظروف الصعبه, حيث على سبيل المثال خط تهريب السلاح الايرانى عن طريق السودان و ثم الاراضى المصريه و منها الى سيناء عبر شبكات من المخبرين و المهربين تحت أنف نظام مبارك البوليسى و مخابراته الى جهتها الاخيره فى غزه خصوصا لحركتى حماس و الجهاد الاسلامى مما حير الاستخبارات الغربيه.  فمن أبتكر الخطوط الطويله و الجهنميه لتوصيل السلاح لغزه المحاصره فى جميع الجهات, حتما لديه القدره على توصيل مساعداته لبلد مثل لبنان تحت أى ظرف مستقبلى.
لهذا يجب ألا يغرق الكثيرون فى عالم الاحلام و الخيالات فى تصورهم أن سقوط النظام السورى سيرتبط حتميا بسقوط النظام الايرانى و نفوذه فى المنطقه.  أتمنى من أبناء بلدى الكويت على وجه الخصوص, عدم التورط فى التحرش فى بلد قوى مرن مثل أيران, وتاريخيا تعتبر أيران من الدول التى مرت عليها الكثير من الحوادث و الغزوات و محاولات الحصار من دول أقليميه و أخرى و كان الشعب الايرانى و الدوله برمتها تخرج من تلك الاحداث بقوه أكبر من السابق, و زد على ذلك ما يتملك الايرانيون من الرغبه الجامحه بالانتقام ممن يساهم فى أيذاء بلدهم. لا نريد من البعض منا توريط الكويت فى أمور أكبر من حجمها فقط للحظات حماسيه يختفى فيها العقل و التحليل الموضوعى ولنتعظ من فترة الثمانينات عندما ورطت الكويت نفسها فى الوقوف ضد الايرانيين و دفعت الكويت ثمن ذلك الكثير داخليا و خارجيا .... لنتعلم من التاريخ الفارسى الكبير ولا نورط أنفسنا فى أمانى باطله فقط للتشفى الطائفى المهلك


No comments:

Post a Comment