Tuesday 15 July 2014

فلسفة سحب الجنسيه و أنقلاب السحر على الساحر

 
كثر الحديث بين الاوساط الاعلاميه بعد مسيرة كرامة وطن 8 و ما تخللها من أعمال غير قانونيه, أن كبار الدوله عازمين على فتح ملفات الجناسى و سحبها خصوصا من المحرضين حديثى التجنس. تأكيدا على التسريبات الاعلاميه اصدر مجلس الوزراء بيانا بعد أجتماعه 14 – 7 – 2014 أحد نصوصه تعطى الصلاحيات لوزير الداخليه لفتح ملف الجنسيه, حيث ذكر البيان فى الحرف الواحد "تكليف وزراة الداخليه بأتخاذ جميع الاجرائات الكفيله بضمان توافر شروط و متطلبات شرف المواطنه و الانتماء الوطنى التى تضمنتها احكام الجنسيه الكويتيه رقم 15 لسنو 1959 نصا و روحا على الاخص فيما يتصل بالممارسات التى تستهدف تقويض الامن و الاستقرار". الى الآن لا نعلم هل هذا فقط تهديد من الدوله لبعض الفئات للكف عن تقويض النظام العام للبلد و ألا الجنسيه ستكون على محك, أو الدوله ستبدأ فعلا فى عمليات سحب الجنسيه بشكل موسع لمن تورط فى أعمال الشغب أو فقط ستقتصر العمليه على تطبيق القانون على شخصيات فى ما يسمى رؤوس المحرضه !!!
المهم فى موضوع الجنسيه الكويتيه, أن موادها قديمه ترجع الى الخمسينات حتى قبل صدور الدستور, و الكثير من مواد الجنسيه مطاطه و تعطى حق السياده للدوله بالنظر و تقدير سحب الجنسيه من شخص ما. فمثلا فى الماده 13 من قانون الجنسيه الكويتيه ينص صراحه على "سحب الجنسيه لمن أكتسبها أذا ما أستدعت المصلحه العليا للدوله أو أمنها الخارجى". و أيضا تكمل نفس الماده 13, "أن للدوله الحق سحب الجنسيه أذا ما توافرت الدلائل لدى الجهات المختصه على قيام الشخص بالترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاقتصادى أو الاجتماعى فى البلاد أو أنتمائه لهيئه سياسيه خارجيه". للاسف الماده 13 تعطى صلاحيات جدا موسعه للحكومه لسحب الجناسى و جميعها تقديريه تختلف مع أختلاف الظروف و الازمان. مثلا كلمة الترويج لمبادئ تقوض النظام الاجتماعى أو الاقتصادى, ممكن الدوله و لسبب معين تسحب الجنسيه من أشخاص يروجون للمذهب السلفى أو الشيعى أو حتى النظريات الشيوعيه لانها ضد النظام العام للبلد و بها أخلال أقتصادى و أجتماعى فى زمن معين. كذلك جملة المصلحه العليا للبلد هذا أمر تقديرى آخر, مثلا شخص يروج فى الثمانينات أن ضد مساعدة صدام حسين أو حاليا مواطن مع مساعدة تنظيم داعش, يمكن للدوله أن تقدر أن هذا ضد مصلحتها العليا و يسبب بلبله و أخلال فى النظام العام و يتم تجريده من الجنسيه على حسب الماده 13. للاسف لمدة 50 سنه لم ينتبه أحدا من المشرعين فى مجلس الامه لتطوير قانون الجنسيه و جعله أكثر ملائمه و دقيق فى التعريف حتى لا يتم أستخدامه بطرق خاطئه خصوصا أن هناك سوابق كثيره فى ذلك للاسف.
كما نعترف أن طبقا لقانون الجنسيه حق تجريد المواطنه حق سيادى و تقديرى للدوله للاسف, ايضا حق أكتساب الجنسيه و أعطائها ملقى على عاتق السلطه و تقديرها فقط. فلسفة الجنسيه الكويتيه أن المواطنين المتواجدين فى الكويت قبل خروج النفط و تصديره أى فى الاربعينات و قبلها لهم حق المواطنه و أعطاء الجنسيه بالقانون سواء على حسب الماده الاولى لمن تواجد قبل 1920 أو الثانيه لمن تواجد بعد 1920 الى الاربعينات. لكن من أتى الى البلاد بعد الثوره النفطيه من الخمسينات و ما فوق يعتبر وافد و للدوله حق التقدير لاعطائه الجنسيه من عدمها على حسب  خدماته و مهارات التى سيقدمها للدوله. لهذا كان بنيان نظام الجنسيه الكويتى لكى يتوافق مع حالة الدوله الريعيه المعتمده على فقط الثروه النفطيه و تنفيع المواطنين الذين عانوا و عاشوا فى البلد منذ ما قبل النفط و كانت أقامتهم فى الكويت بصفه دائمه غير متقطعه.
للاسف السلطه منذ أواسط الستينات أسائت حق التقدير السيادى للتجنيس و لاسباب تتعلق بضرب الدستور و أنهاء أحتكار المعارضه قوميه لمجلس الامه, قام أفراد من الاسره الحاكمه بالتلاعب فى حق التجنيس و خلق شعب آخر فى الكويت غير الشعب الى عاش بصوره دائمه على هذه الارض. مثلا يذكر الوزير السابق و رجل الاعمال عبدالعزيز محمد حمود الشايع فى مذكراته أن الدوله بعد استجواب الشيخ جابر العلى فى مجلس 1963, قامت الدوله بتجنيس أعداد هائله خصوصا من القبائل لتغيير الخريطه السكانيه للكويت و فى فتره بسيطه تضاعف عدد السكان لثلاث أمثال ! أيضا يفصل الباحث ناصر محمد الفضاله فى كتابه "الحاله و الحل" الذى منع من التداول فى الكويت, كيفية استخدام بعض أفراد الاسره الحاكمه لحق التجنيس السيادى بضرب دعائم الدوله و تجنيس أعداد هائله ممن لا يستحقون الجنسيه لتحويل الكويت من دوله مدنيه حضريه الى قبليه دينيه لكى يسهل قيادتها و القضاء على المعارضه و أضعاف الدستور. يحدد الكاتب عبداللطيف الدعيج فى أكثر من مقاله منها فى تاريخ 3 – 6 – 2012 بعنوان "التاريخ يعيد نفسه"  و أيضا مقاله أخرى فى تاريخ 1 – 11- 2012 "ربيع الكويت حكومى", حدد الدعيج أن الشيوخ الثلاث المسؤولين بصوره مباشره عن سياسة التجنيس السياسى هم جابر الاحمد, جابر العلى و سعد العبدالله. بالمحصله النهائيه أن حالة السياده و التقدير فى قانون الجنسيه أستخدم بغير موقعه فى التجنيس و أيضا مرات عديده أخرى فى سحب الجناسى من اشخاص لاسباب سياسيه ليس لها علاقه بتقويض النظام العام للبلد.  لهذا دخل قانون الجنسيه السيادى و من المفترض أن يكون له الهيبه و الاحترام فى لعبة المساومات السياسه و خلق الحلفاء و تجنيس الغير مستحقين حتى أصبحت هناك مقوله متداوله فى الشارع الكويتى " أن الجنسيه تحولت من ورقة أثبات هويه و مواطنه الى ورقة تموين لا غير" !!! طبعا التجنيس العشوائى الغير منضبط له آثار عكسيه على البلد عن طريق خلق ثقافة الفوضى, أزدواجية الجنسيه و الولاء, و ظهور مشكله البدون ...
بعد سرد خطورة قانون الجنسيه فى الكويت و مطاطية المواد نأتى الآن على مواقف معارضه اليوم المهدده بسحب جنسيتها و مواقفا السابقه فى موضوع سحب الجناسى. للاسف غالبية طيف معارضة اليوم كانوا من مؤيدين الدوله لاستخدام سلاح الجنسيه لتأديب خصومها أو تجنيس من لا يستحق. فى بداية الثمانينات أستخدمت الدوله سلاح سحب الجناسى ضد المواطنين الشيعه خصوصا عائلة السيد عباس المهرى و المعارض القومى خالد خلف. كان رد المعارضه فى ذلك الوقت "شوية أيرانيين مسوين شغب و الدوله أدبتهم". و لا يوجد أى بيان حتى أو أستنكار من الجمعيات السياسيه مثل الاخوان المسلمين أو السلف فى وقتها ضد الدوله بخصوص سحب الجنسيات. نفس الشيئ حصل خلال أزمة التأبين فى 2008 لما تعالت أصوات نفس الفئات لسحب جناسى المؤبنين و طردهم من الكويت. أخر مواقف المعارضه بالتحريض فى 2010 الدوله على سحب جنسيه ياسر الحبيب بسبب أسائته لاحد زوجات رسول الله و هو ساكن فى لندن.
و نستعرض مواقف رموز المعارضه على الدوله لسحب جنسيه المدعو من خلال الارشيف الاعلامى ...
من خلال أستعراض أرشيف صحيفة الانباء 21 سبتمبر 2010 http://www.alanba.com.kw/weekly/kuwait-news/islamic-faith/138257/21-09-2010 هذه جمله من أهم ماقاله رموز معارضه فى وقتها أتجاه سحب جنسيه ياسر الحبيب:
عضو التكتل الشعبى خالد الطاحوس يصرح "نحن لن نعلق على سحب الجنسيه لان أمر سيادى للدوله". بمعنى الطاحوس يعترف أن سحب الجنسيه حق للدوله لا يستطيع أحد منازعتها به ... نائب حدس جمعان الحربش " نبارك للحكومه سحب الجنسيه و سنرد التحيه و نعلق الندوات بخصوص الضغط لسحب الجنسيه" ... محمد هايف "قرار سحب الجنسيه من المدعو ياسر الحبيب غير كافى" ... وليد الطبطبائى "أن سحب شرف الجنسيه الكويتيه من الخبيث أنتصار لعرض رسول الله" ... مبارك الوعلان "سحب جنسية ياسر الحبيب خطوه فى الاتجاه الصحيح" ... الحركه السلفيه أصدرت بيان و ذكرت "نثمن خطوة مجلس الوزراء فى سحب جنسية ياسر الحبيب".
هذه كانت مواقف و تصريحات المعارضه فى وقتها لسحب الجنسيه و أستخدامها كسلاح ضد خصومها, و للاسف هى اليوم تتباكى على قرار مجلس الوزراء لتفعيل مواد سحب الجنسيه على من يهدم دعائم الدوله. لم يحدث تاريخيا أن قامت معارضه كويتيه منذ بدأ العمل بالدستور بدعوة الدوله لسحب الجناسى فقط بسبب خلافات السياسيه, و كانت الدوله فقط تستخدم هذا السلاح ضد من يخالفها. لكن من دخول أطياف جديده أجتماعيه المعارضه من قوى قبليه و دينيه, اصبحت هى السباقه فى دعوة الدوله و الضغط عليها لتفعيل مادة سحب الجنسيه و التجريد من هوية المواطنه !!!
بعد أستعراض القوانين الكويتيه بخصوص سحب الجناسى و مواقف قوى المعارضه الحاليه أتجاهها, نستعرض الآن قوانين سحب الجنسيه أو ما يسمى Denaturalization فى ثلاث دول غربيه مهمه و هم فرنسا, بريطانيا و الولايات المتحده. حيث وجد أن تلك الدوله الراعيه لمفهوم حقوق الانسان العالمى, لدينا قوانين صارمه لسحب الجنسيه من المواطنين المتورطين فى أعمال تقوض دعائم الدوله :
فرنسا مهد الثوره الفرنسيه و قوانين الحريات الشخصيه, فى 2011 الرئيس ساركوزى بالتعاون مع البرلمان أصدروا قانون لنزع الجنسيه الفرنسيه من أى مواطن فرنسى ولد خارج فرنسا و حصل على الجنسيه و تورط فى الاعتداء على الامن الفرنسى  http://www.huffingtonpost.com/2010/10/12/french-pass-law-to-strip-_n_759910.html. القانون الفرنسى جدا صارم و يمتد أيضا بسحب الجنسيه عن أى مجنس يتورط فى قضايا خطيره ضد الدوله و جرائم أمنيه عاديه حتى ...
مجلس اللوردات البريطانى فى هذه السنه وافق على قانون مرفوع من وزارة الداخليه بحق نزع الجنسيه البريطانيه من أى مواطن يتورط بأعمال أرهابيه أو ينتمى لمنظمات خطره. http://www.aljazeera.com/news/europe/2014/05/uk-backs-stripping-citizenship-over-terrorism-201451365944689185.htm. أخذ هذا القانون الحيز الكبير من النقاشات و يعتبر أول قانون يعطى الدوله الحق بنزع الجنسيه من البريطانيين المجنسين و فى نفس الوقت يتورطون فى أعمال أرهابيه.
بالنسبه للولايات المتحده هى تعتبر من أكثر الدوله الغربيه الديموقراطيه سهوله فى سحب الجنسيه لاسباب كثيره تتعلق بالنصب و الاحتيال و التأمر على الدوله أو الاشتراك فى منظمات أرهابيه تتورط فى جرائم ضد الانسانيه. منذ ألخمسينات سحبت جناسى مالا يقل عن 100 شخصى أمريكى بسبب جرائم متعدده http://en.wikipedia.org/wiki/List_of_denaturalized_former_citizens_of_the_United_States
 
بعد استعراض مختلف الاوجه المصاحبه لموضوع سحب الجنسيه فى الكويت, الآن نحن أمام واقع جديد. الجنسيه الكويتيه و الهويه الوطنيه تم تلاعب بها من قبل أركان فى السلطه خصوصا فى العهود السابقه, و القاعده القانونيه تقول ما بنى الى باطل فهو باطل. حان الوقت لفتح ملفات الجنسيه و تنقيحها و من حصل عليها بأستحقاق و من تورط فى عمليات تلاعب للحصول على الجنسيه. أيضا مشكله البدون و الازدواجيه يجب أن تنتهى من خلال فحص شامل لملفات الجنسيه و سحبها من غير مستحق و أعطائها المستحقين من فئة البدون. البلد يستنزف ماليا و معنويا بسبب التلاعب السابق فى ملفات الجنسيه و خلق كيانات غير وطنيه و أصلا لا تريد أن تندمج مع روح القانون و الدستور. و أذا أستمر السكوت و ايجاد المبررات لاى شكل كان لعدم فتح ملف الجنسيه سيكون كيان البلد و وجوده مهدد على المدى المتوسط و البعيد و بدأنا من الآن نشاهد آثاره ...
بالنسبه لسحب جناسى المجنسين حديثا و من يتورط فى كسر القوانين و الشغب. أعتقد فى كل دول العالم حتى المتحضر الاصل فى الحصول على الجنسيه هو لمنفعة الوطن و المشاركه فى بنائه. لكن أذا ماذا تحول هذا المجنس حديثا لبؤرة تهديد ضد كيان الوطن و عنصر محرض ضد القانون هنا توجب على الدوله تطبيق القانون عليه و سحب الجنسيه منه لان لم يحافظ على "شرف المواطنه" كما ذكر البيان الحكومى ... شخصيا أنا مع حق سحب الجنسيه لم أخذها بالتلاعب أو لديه أزدواجيه مجرمه أو حديث التجنس و يتورط فى أعمال تقوض النظام العام للبلد و ضد تماما فكرة فكره سحب الجنسيه للمعاقبه السياسيه البحته.
فى نفس الوقت الوضع الحالى فى قانون الجنسيه و أعطاء السلطه الحق المطلق فى تقرير مصير منع و نزع الجنسيه يجب أن يتغير. السلطه فى السابق لم تحسن أستخدام قانون الجنسيه و تمددت فى حق التقدير الى أن وصل الامر الى تلاعب فى ملفات التجنيس و تكليف البلد أقتصاديا و أمنيا و أجتماعيا والكل شاهد نتائج التلاعب فى الهويه الوطنيه خلال الغزو و ردة فعل غالبية من جنسوا. أكبر خطأ كان بتقديرى الشخصى أن الأباء المؤسسين للدستور بحسن نيه أعطوا الدوله حق السيادى فى الجنسيه و للاسف الدوله لم تحسن فى التعامل مع هذا الملف السيادى الحساس. يجب تغيير قانون الجنسيه الحالى الى قانون أكثر تفسيرا و أيضا أشراك جهات أخرى مثل القضاء و لجان شعبيه فى موضوع منح الجنسيه أو نزعها. لكن أبقاء الوضع على ماهو عليه ستكرر به الدوله أخطائها و أستهتارها فى منح أو نزع الجنسيه ....