من أرشيف حزب البعث – الحوزه الدينيه الشيعيه
فى العراق تحت الحصار
البحث هو فى ورقه بحثيه للباحث العراقى عباس
كاظم http://www.bu.edu/iis/files/2013/04/Bath-Party-ArchiveFinal-1.pdf . البحث تم
أعداده تحت أشراف جامعة بوسطن فى الولايات المتحده فى مركز الدراسات
العراقيه. بعد سقوط النظام العراقى فى
2003 تم تجميع و تصنيف ما يقارب 10 ملايين وثيقه من مراسلات حزب البعث و نقل نسخ
منهم الى الولايات المتحده لكى يتم دراستها و كتابة التاريخ من خلال الوثائق
بدقه. الوثائق تكشف عن طريقة تفكير المسؤولين
فى حزب البعث و تصرفاتهم تجاه المشاكل التى واجهها العراق. بعض تلك الوثائق مسجل بها ملاحظات بخط يد صدام
حسين نفسه و بعض كبار المسؤولين فى الدوله.
التركيز خلال هذا البحث كان على علاقة حزب البعث مع المدرسه الدينيه
الشيعيه بالنجف الاشرف و كيفية التعامل معها.
و من ضمن الوثائق أسماء لجواسيس و شخصيات شيعيه تم زرعهم داخل الحوزه
الدينيه الشيعيه للتجسس و ممارسة أعمال تخريب و أختراقها. حفظا على سلامة هؤلاء من
الانتقام تم مسح اساميهم من الوثائق و عدم ذكرهم حتى لا يكونوا هدفا للانتقام
الجسدى.
أهم
ما فى تلك الوثائق المخصصه للمدرسه الدينيه تلك التى تتعلق كثيرا بآية الله السيد
الخوئى المرجع الشيعى الاعلى للطائفه فى تلك الفتره و أيضا آية الله الشهيد محمد
صادق الصدر. غالبية الوثائق مستوحاه من
فرع حزب البعث فى النجف, المسؤول بصوره مباشره عن مراقبة عمل المدرسه الدينيه
الشيعيه و رصد تحركات العلماء. أيضا من
خلال الوثائق يستشف أن صدام حسين سلم ملف الشيعه و كيفية التعامل مع علمائهم الى
نائبه عزة الدورى. لكن فى نفس الوقت جميع
الوثائق تشير الى علم صدام شخصيا بكل ما يحدث داخل الحزب تجاه المدرسه الدينيه و
له القرار الاخير فى الفصل. كذلك حرصت
القياده العراقيه من خلال الوثائق و الاسماء, الى أشراك أعضاء شيعه فى حزب البعث
فى عملية أتخاذ القرار لضرب المدرسه الدينيه الشيعيه حتى لا يكون للعمليه طابع
مذهبى و لكى تتخذ غطاء وطنى علمانى. بالاضافه
حرصت القياده العراقيه من خلال الوثائق على عدم أختزال المشكله فى شكل صراع سنى -
شيعى أنما لكى يأخذ طابع عربيا - فارسيا.
حيث حرصت الوثائق على وصف علماء الشيعه "بالايرانيين" مستشهده
على ضرورة التخلص منهم و من أفكارهم و أستبدالهم بالعرب ! أيضا من خلال الوثائق, دار فى أحد الاجتماعات بجديه أغلاق الحوزه
العلميه فى النجف و تحويل تبعيتها من علماء الشيعه الى وزارة الاوقاف, لكن بسبب
الخوف من أنتقال الحوزه الى أيران و أسغلال مشاعر الشيعه خلال الحرب الايرانيه
العراقيه ألغيت فكره طرد الحوزه و أستبدلت بأختراقها. من الامور المهمه التى ذكرت فشل النظام العراقى
فى أختراق رجال الدين الشيعه الواصلين لدرجه الاجتهاد أو آيات الله, و تمكنه فقط من تحويل بعض صغار رجال الدين الى
جواسيس و متعاونين مع النظام.
نبدأ فى الوثائق التى تتعلق فى السيد الخوئى,
و بعدها ننتهى بالوثائق التى تتعلق بالسيد محمد صادق الصدر و حركته:
1)
التعامل مع آية الله السيد أبوقاسم الخوئى و
تحجيمه:
من وثائق حزب البعث تكشف أن نشاطات السيد
الخوئى و حوزته و أتباعه غير مريحه للنظام, و أنه لايمكن الاطمئنان أليه. و من
الامور التى رصدت فى وثائق حزب البعث عن السيد الخوئى التالى:
-
يقود السيد الخوئى و أتباعه فى الثمانينات
التجمعات الكبيره فى المناسبات الدينيه الشيعيه مما يشكل تهديدا للامن و فرصه
لاحداث القلاقل.
-
أبناء السيد الخوئى و تلاميذه و أتباعه لهم
نشاطات معاديه للنظام العراقى خصوصا فى باقى المدن الشيعيه الجنوبيه و أيضا أنضمام
بعض من أبناء السيد الخوئى و المقربين له
الى أحزاب أسلاميه معاديه.
-
أصرار السيد الخوئى فى أستخدام اللغه
الفارسيه فى الحوزه الدينيه و عدم الالتزام باللغه العربيه.
-
قيام السيد الخوئى و حوزته بعمل النشاطات الدينيه
خلال المناسبات و منها مراسيم العزاء فى محرم و ما يتخلله من دروس بشكل مستفز و
غير قانونى و عدم الالتزام بالمنع.
-
تعاون كبير بين السيد الخوئى و مساعدته لاسرة
بحر العلوم المعاديه لحزب البعث.
-
توزيع السيد الخوئى للمساعدات الماديه و أيضا
الاغذيه على الفقراء و الشعب العراقى مما يشكل تحدى للدوله و هيبتها.
-
رفض السيد الخوئى أعطاء رأيه تجاه الحرب
الايرانيه العراقيه و بل يميل الى الجانب الايرانى و أيضا رفضه القاطع على وصف
العراقيين القتلى فى الحرب بالشهداء و الصلاة عليهم و المشاركه فى جنائزهم و
عزائهم.
-
حماية السيد الخوئى للطلبه العراقيين
الهاربين من التجنيد للحرب ضد أيران و عدم الابلاغ عنهم و بل تبنيهم فى حوزته كطلبة علم.
-
رفض السيد الخوئى التعليق على آية الله
الخمينى أو ذكر أى تعليق سلبى عنه.
-
دفع السيد الخوئى للمساعدات الماليه لاسر
المعتقلين و الذين تم أعدامهم من النظام خصوصا اسرة الحكيم.
لهذا تم وضع خطه لتحجيم نشاط السيد الخوئى و
الحد منه, و من الوثائق تبين التوصيات التاليه:
-
الضغط على السيد الخوئى بشكل غير مباشر عن
طريق التحرش بأتباعه و طلبته و مراقبتهم عن كثب و أعتقال البعض منهم و حتى
أعدامهم.
-
الضغط لتقليل أعداد الطلبه الاجانب فى حوزة
السيد الخوئى من خلال التحرش و أبعادهم.
-
مصادرة الكتب و خصوصا المكتوبه بالفارسيه فى
مدرسة السيد الخوئى و أستبدالها بكتب تقررها الدوله العراقيه.
-
أختراق المدرسه الدينيه من خلال زرع طلبه دين
هم فى الاصل أعضاء فى حزب البعث.
-
أختراق وكلاء السيد الخوئى فى باقى مناطق
العراق و محاولة جعلهم جواسيس ضد السيد الخوئى. فعلا نجح ذلك مع البعض منهم و فشل
مع آخرين. و تم تصنيف وكلاء السيد الخوئى بين متعاونين و غير متعاونين مع الدوله.
-
دفع الاموال لنساء الحوزه خصوصا الملايات لكى
يكونو مرشدين للدوله و جواسيس.
-
أستغلال الخلاف بين السيد الخوئى و أبنه
الاكبر عباس, و تضخيمه و أشاعته بين الناس لضرب مصداقية السيد الخوئى.
فى نهاية الوثائق التى تتعلق بالسيد الخوئى و
طريقة التعامل معه, نرى مرارة حزب البعث فى عدم النجاح فى خلق بديل للسيد
الخوئى. نعم تم تحجيم حوزة السيد الخوئى و
أضعافها كثيرا بسبب التوصيات السابقه, لكن لم يستيطع الحزب القضاء على مكانة السيد
الخوئى لدى الشيعه خصوصا فى العراق و خلق بديل له تابع لحزب البعث.
2)
آية الله السيد محمد صادق الصدر:
-
قيام السيد محمد صادق الصدر بصلاة الجمعه فى
مسجد الكوفه و حضور الآلاف من الشيعه صدمت أركان حزب البعث مع الوثائق. و كانت
شعبة حزب البعث فى النجف على وجه الخصوص جدا مرتبكه من التعامل مع الوضع الجديد و
كسر حاجز الخوف من السيد الصدر من خلال دعوة أنصاره للخروج لصلاة الجمعه و القيام
فى الخطب سياسيه و الكثير منها ينتقد فيه الحال و يلمح الى ظلم النظام.
-
-
أرتباك النظام و المفاجأه للحضور الكثيف
لصلاة الجمعه بأمامة الصدر من جميع المحافظات العراقيه, و كسرهم لحاجز الخوف بعد
القمع الدموى أبان أنتفاضة 1991.
-
خوف البعث من تنامى أعداد الحاضرين لصلاة
الجمعه و الحماس المصاحب لذلك.
-
جميع المراسلات الحزبيه تشير الى أنه السيد
الصدر بدأ فى أتباع الاسلوب الايرانى فى المدرسه الدينيه الشيعيه من خلال القيام
بصلاة الجمعه و تحريض الناس !
-
تشير المراسلات الى صعوبه مواجهة تلك
الجماهير الغفيره مره واحده, و الابتعاد عن الصدام الدموى حتى لا يثير الكثير من
الناس و أيضا خوفا من العواقب الدوليه لذلك.
توصيات حزب البعث لمحاصرة ظاهرة السيد محمد
صادق الصدر:
-
عمل نقاط تفتيش على مداخل النجف لمنع وصول
محبين السيد محمد الصدر لصلاة الجمعه و الالتقاء به.
-
توزيع منشورات ضد السيد الصدر و توعية الناس
أن ما يعمله غير وطنى و يخدم الاجندات الخارجيه.
-
تأديب السيد الصدر من خلال سحب و مصادرة بعض
المدارس الدينيه التى تحت أشرافه و تسليمها لعلماء آخرين.
-
أستغلال الخلاف بين عائلتى السيد الصدر و
الحكيم, و تسليم بعض ممتلكات السيد الصدر فى الحوزه لآية الله سعيد الحكيم.
-
أشاعة الاخبار الكاذبه عن نية السيد الصدر
الاعلان عن نفسه الامام المهدى المنتظر.
-
أعتقال القريبين من السيد الصدر و التحرش بهم
خصوصا أعضاء حوزته و ممثلينه.
-
رشوه المقربين من السيد الصدر للعمل ضده و
تركه.
خلال الاسابيع الاخيره قبل أغتيال الصدر فى
شهر فبراير 1999, تشير مراسلات حزب البعث, بالتعاون الوثيق مع الامن فى عمل
مناورات و تدريبات, للاستعداد لمرحله بعد أغتيال السيد الصدر و كيفية التصدى
للتظاهرات و القلاقل التى سيقوم بها أتباعه.
خاتمة البحث: على الرغم من القيام بحملة
التحجيم للسيد الخوئى و محاولات أضعاف حوزته و سمعته الدينيه, لكن وثائق حزب البعث
تكشف الاسى من الفشل الذريع من أيجاد شخصيه بديله عربيه و موالية للحكومه لكى
تستقطب الناس و تكون مرجعا للشيعه حول العالم. أيضا تكشف الوثائق و المراسلات عن صمود السيد
الخوئى أمام ضغوط النظام العراقى و عدم أذعانه لاجندات حزب البعث, و تذكر أحد
المراسلات من نائب الرئيس عزت الدورى الى صدام شخصيا ينقل به الدورى طلبه للسيد
الخوئى لانتقاد الامام الخمينى و كان رد السيد الخوئى "أذا أرتوا أن أقيم
السيد الخمينى أذن على أن أقيم حال العراق ككل" !
بعد دراسة جميع الوثائق المتعلقه بالسيد محمد
صادق الصدر, لم تذكر أيا منها أن السيد كان متعاونا مع النظام فى البدايه أو كان
عميلا ثم أنقلب كما روج ضد السيد من بعض أعدائه من الشيعه. بل على العكس جميع الوثائق الحزبيه تذكر السيد
الصدر بالشخصيه الغير مؤتمن بها و أنه يشكل خطرا على النظام و يجب القضاء عليه قبل
أن يستفحل أمره فى العراق.
أكبر صداع و مشكله كان يواجهها حزب البعث من
خلال الوثائق تلك المتعلقه بالمناسبات الدينيه الشيعيه و تحولها للمعارضه السياسيه
و الحشد الشعبى الكثيف. من الوثائق منذ الثمانينات حاول حزب البعث منع تلك الشعائر
و تقنينها لكن فشل تماما و كانت تمثل ل خطرا على أمنه و أستقراره.