طبعا فى هذه المقاله أنا لا أقصد عموم
التجار, لكن أقصد فئه معينه فقط من التجار. المقصود فى هذه المقاله هم الطبقه
التجاريه النجديه من التجار الى لعبوا تاريخيا أدوار سياسيه مهمه فى الكويت و فى
تطور النظام السياسى بها. هؤلاء التجار
كانوا فى طليعة العمل التجارى و السياسى أيضا و كانوا الاساس فى الحركه الوطنيه
التى تأسست فى الكويت و لعبت دورا معها فى وضع أساسات الدستور و العمل الديموقراطى
المحلى. نعم لا نبخس حق باقى التجار فى
الكويت و هم يختلفون بمشارب أصولهم و أنتمائاتهم و منهم من كان له أسهامات تجاريه
كبيره و أنجازات أجتماعيه, لكن للاسف لم يكن لهم نصيب فى تطوير العمل السياسى فى
الكويت و كان غالبيتهم تابع للسلطه أو محايد لا أكثر و لا أقل.
ما شدنى الى كتابة هذه المقاله, هو تويت من
الاعلامى الزميل عبدالله زمان, حيث ذكر على طبقة التجار الانتباه لانخفاض شعبيتهم
فى الشارع الكويتى و دراسة أسباب ذلك و تفاديه قبل وقوع الكارثه. كلمات السيد زمان فعلا أثرت على شخصيا بسبب
التغييرات الملاحظه فى سلوك الطبقه التجاريه و تغيرها عما كانت عليه فى
السابق. أنا شخصيا كنت و لا أزال من
المعجبين فى الطبقه التجاريه فى الكويت و تاريخهم التنويرى و مساهماتهم فى التى لا
يمكن أنكارها من نقل الكويت من حالة المشيخه الى المفهوم الدوله. نعم لا ننكر أن للطبقه التجاريه مصالحا الخاصه,
هذا وضع طبيعى مثلما لكل فئه فى الكويت مصالحها تدافع عنها و تريد حمايتها. لكن
كانت الطبقه التجاريه دائما تدافع عن مصالحها بطريقه ذكيه و عقلانيه و بل عن طريق
أشاعة دولة القانون لكى يستفيد الكل مثلما عملت خلال المطالبه و أقرار
الدستور. لكن لا يخفى على الجميع أن
الطبقه التجاريه تمر بحالة أنتكاسه كبيره و بل تناقضات كبيره بين شعاراتها المرفوعه
و بين ما تمارسه على الارض. أصبحت هذه
التناقضات و الانتكاسات ملحوظه بشكل واضح تقريبا خلال من بعد الغزو و زادت كثيرا
خصوصا بعد 2006 و بداية العهد الجديد.
أبدأ فى البعد التاريخى و الاجتماعى فى نشأة
الطبقه التجاريه النجديه المعروفه لكى نفهم الامور من كل زواياها و لماذا تميز
النجديون بالثراء و العقل التجارى المبدع منذ القدم بالمقارنه عن أقرانهم من باقى
الطوائف فى الكويت. قدمت عوائل هؤلاء التجار من أقليم نجد فى أواسط الجزيره
العربيه و البعض منهم أنتقل من نجد الى الزبير فى جنوب العراق, و منها الى الكويت
لكن أحتفضوا بكل تلك السنين بعاداتهم النجديه و معتقداتهم. يجمع المؤرخون على أن أصل هجرات أهل نجد الى
الخليج و باقى البلدان, الى موجات القحت التى كانت تصيب هذا الاقليم و أيضا
الاضطرابات السياسيه و الاقتتال الى بدأ منذ بداية الدعوه الوهابيه. لجأ النجديون الى سواحل الخليج و جنوب العراق
بعيدا عن القحط و أيضا بحثا عن الامان السياسى فى البلدان الجديده الناشئه
المتسامحه و القريبه من مواقع الثروه البحريه و خطوط التجاره فى ذلك الوقت. على
الصعيد الاقتصادى, يعرف الاقليم النجدى بأحتقاره للمهن الصناعيه اليدويه و يعتبرها
من يعمل بها من أنزل الطبقات الاجتماعيه, لهذا وصمت العائلات التى تمهتن الصناعه و
العمل اليدوى "الغير أصيل", حيث أعتبر أصالة النسب مرتبطه ليست فقط
بالعرق لكن أيضا متزامنه بالمهنه العائليه.
لكسب العيش لم يكن أمام النجديين سوى أمتهان مهنتى التجاره أو زراعه للابتعاد
عن كل ماهو مرتبط بالعمل الصناعى اليدوى الى يحقر من نظرة الآخرين له و يعتبر من
مفاصل النسب. خلال التجاره أكتسب التجديين أهم صفتين و هم الامانه و الاختلاق
التجاريه العاليه. بعدها عند أنتقال
النجديين الى مدن الساحليه فى الخليج خصوصا الكويت عملوا فى التجاره منذ البدايه
أو المهن البحريه مثل النقل البحرى أو الغوص على اللؤلؤ و القله من النجديين عملت
فى الزراعه فى الواحات و قرى التابعه للكويت.
لهذا أرتبطت روح التجاره و العمل الحر و المغامره و الاسفار و الامانه و
الصدق مع الانسان النجدى و نقلها الى
موقعه الجديد فى الكويت. جعل النجديون
الكويت نقطة أرتكازه لانطلاق مغامراتهم التجاريه و فعلا وصلوا الى الساحل الشرقى
من أفريقيا و جل المدن الهنديه و كونوا مراكز تجاره فى تلك البلدان علاوة على
العراق. كانت المهنه الاساسيه للتجار
النجديين من خلال تبادل السلع خصوصا نقل التمور من العراق و ايضا اللؤلؤ من
الخليج, الى الهند و أفريقيا و العكس أستيراد الاخشاب و التوابل و المواد الغذائيه
و نقلها الى الكويت من ثم بعدها لخطوط التجاره الى أواسط و شمال الجزيره العربيه. عوضا
عن العامل الاجتماعى المتمثل بأحتقار الاعمال اليدويه الذى كان السبب الرئيسى
لتوجه النجديين للتجاره, أيضا لا نغفل العامل البيولوجى أو الجينى فى الامر. من
المعروف أن المهاجرين من بلدانهم الاصليه هم بالغالب المبدعين ذو فكر متطور و الذكاء
عالى على عكس أقرانهم ممن يقبلون بالوضع و الجلوس فى بلدانهم. الانسان المهاجر
دائما أذكى و يريد تطوير نفسه و يرفض حالة السكون أو الفقر فى مجتمعه الاصلى. لهذا
كان الغالبيه من المهاجرين النجديين من الاذكياء المميزين الذين رفضوا حالة أمر
الواقع فى الاقليم النجدى و أتجهوا للبلدان الاخرى لتحسين الحال و أبراز طاقاتهم.
لهذا يعتبر المجتمع المهاجر النجدى فى الكويت أو سواحل الخليج الاخرى أو مدينة
الزبير فى جنوب العراق من النخبه البيولوجيه و الاكثر تميزا لهذا أبدعوا فى
التجاره و تطوير ذاتهم.
عوضا عن التجاره و كسب المال التعامل, أيضا
الاحتكاك مع مدن الحضاره العربيه مثل بغداد, البصره, دمشق و غيرها من خلال رحلات
العقيلات تعلموا آخر المستجدات السياسيه و الحركات التنويريه فى ذلك الوقت. ففى
بداية القرن العشرين بدأت الحركه التنويريه فى الوطن العربى للتخلص من جهل و الظلم
و الاستبداد بسبب الدوله العثمانيه, و كانت القوميه العربيه على رأس الايدلوجيات
فى حركات التنوير للنهوض بالحاله العربيه التعيسه. تعلم التجار النجديين من حركة
التنوير العربيه و التجاره الحره أهمية التعليم خصوصا من مؤسسات محترمه بعيدا عن
التعليم التقليدى على يد الكتاتيب و رجال الدين. لذا نجد التجار حرصوا على أبنائهم
بالتعلم فى مؤسسات عالية الجوده و معروفه فى ذلك حتى قبل النفط. منهم من درس فى
جامعات العراق و منهم فى المدارس الانجليزيه فى الهند و أيضا مصر مثل كلية
فيكتوريا و غيرها. بسبب أكتسابهم المعرفه أيضا علاوة على المال و التجاره أصبح
لديهم من الوعى السياسى و الادراك الحسى ما يفوق به الكثير من المواطنين العاديين
فى الكويت. و لا ننسى المكتبات الصغيره و
الانديه الثقافيه التى أنشأها التجار فى الكويت منذ بداية القرن العشرين لتداول
أمور السياسه و الاحداث الاقليميه و قرائة أخر الاخبار العالميه من خلال الصحف و
المنشورات المهربه من العراق و الشام و الهند. من خلال تلك التجمعات السياسيه
الصغيره أو الدواوين الادبيه أكتسب التجار المرونه فى العمل السياسى و أقتباس فكرة
الاصلاحات فى هيكلة الانظمه العربيه التى كان ينادى بها مثقفين العالم العربى.
بسبب
تراكم الثروه لدى الطبقه التجاريه النجديه قبل النفط أصبح لهم أيضا نفوذ ظاهر فى
المشاركه فى أدارة الدوله مع الاسره الحاكمه, لهذا كان دائما طبيعة الحكم فى الكويت
مبنى على الشورى. عند خروج النفط و تدفق الاموال على الحاكم, نظر التجار بشك و
ريبه, و بسبب خبراتهم المتراكمه توقعوا أذا أستمر الحال, سينفرد الحاكم فى حكم
الكويت و أيضا يكون مستقل ماليا بشكل كامل مما لا يجعل للطبقه التجاريه أى سلطه
عليه و يتلاشى نفوذ طبقة التجار التاريخى السياسى لمثل أقرانه فى دول الخليج على
أنهم طبقه محترمه أجتماعيا لكن من غير أى نفوذ سياسى. لمباشرة العمل السياسى و كسر
أى أحتكار للسلطه من قبل حاكم الكويت, أسس مجموعه من التجار الشباب فى الثلاثينات
"الكتله الوطنيه" و كانت تعتبر أول تنظيم سياسى أو حزب على مستوى الخليج
ذو أفكار متطوره و ينادى بالاصلاحات و أنشاء برلمان مصغر منتخب لتقاسم السلطه مع
الاسره الحاكمه بطريقه ذكيه و فى نفس الوقت تعطى الشرعيه الشعبيه للتجار للمشاركه
فى الحكم من غير التصادم مع فكرة الشرعيه المطلقه للاسره الحاكمه. بغض النظر عن
فشل مشروع مجلس 38 بسبب الاخطاء القاتله التى تسبب بها بعض المتحمسين من التجار,
لكن الفكره بقيت أن الكويت يجب أن يكون لها نظام سياسى حديث و مكتوب لتوزيع
الصلاحيات بين الحاكم و المحكوم.
خلال فترة الخمسينات و بزوغ الحركه التعليميه
فى الكويت و بداية أنتعاش دخل الدوله من فوائد النفط و خروج الطبقه الوسطى التى
غالبيتها من أبناء الطبقه الفقيره أو العماليه فى السابق, تغيرت خارطة الوعى
السياسى فى الكويت. أيضا لا ننسى المد القومى العروبى بطابعه الاشتراكى الذى أنتشر
كأنتشار النار على الهشيم بسبب حالة الاستعمار فى الوطن العربى و أيضا الاحتلال
الصهيونى لفلسطين. مع هذا لم تتقوقع الطبقه التجاريه على نفسها بسبب المد القومى و
خروج الطبقه الوسطى الجديده التى هى بالغالب ضد ما يسمى النخبه التجاريه المرتبطه
ببضائع الاجنبى و المستعمر. بسبب الخبرات المتراكمه لم تعادى الطبقه التجاريه المد
القومى و لم تعزل نفسها مع النظام لتقاسم الثروه على حساب الشعب, بل بادرت و تبنت
الحركه التجاريه الكويتيه القوميه العربيه بطابعها الوسطى الغير يسارى جامد. لهذا
أنطلق التجار من خلال زعاماتهم لفتح علاقات مع رموز الحركه القوميه فى الكويت و
أيضا الاتصال المباشر بعناصر القوميين فى الخارج خصوصا مع النظام المصرى و على
رأسه الرئيس جمال عبدالناصر. و مع أن التجار لديهم علاقات تجاريه مع الرأسماليه
الغربيه و الدول الصناعيه الكبرى, لكن أيضا ناوروا خلال تبنيهم القضية الفلسطينيه
و ثورات الاستقلال العربى مثل الجزائر من خلال التبرعات و المسانده الاعلاميه و
المعنويه. أيضا فتح تجار الكويت شركاتهم للفلسطينيين المهجرين القادمين للكويت
للتخفيف عن معاناتهم و أيضا الاستفاده من خبراتهم. على الصعيد المحلى أيضا كان للتجار الدور
الرئيسى فى أقناع السلطه و على رأسها الشيخ عبدالله السالم بتبنى الخطاب القومى
العروبى و ايضا كتابة دستور للبلاد و العمل على أنشاء برلمان و الحد من نفوذ بعض
أفراد الاسره الحاكمه من التعامل المطلق فى أمور البلاد و القيام بالاصلاحات
الضروريه لرفع حالة المعيشيه و التكيف مع الوضع الجديد بعد النفط. ايضا قام التجار
بخطوات ذكيه و محسوبه لكسر أحتكارات الشركات البريطانيه العامله فى ذلك الوقت فى
البلاد و التى كانت تتحكم فى العصب الاقتصادى. أهمها أنشاء بنك الوطنى الكويتى سنة
1952 كأول بنك فى الخليج لكسر أحتكار بريطانيا للنظام المصرفى فى المنطقه. أيضا
تلاها فى الخمسينات تأسيس غرفة التجاره و الغرض منها أشراك القطاع الخاص الكويتى
فى مقاولات و أنهاء أيضا أحتكار 5 شركات مقاولات و أنشاء بريطانيه من عقود الدوله.
فى الستينات طرقوا أبواب القطاع النفطى و قاموا بأسيس شركات مثل التكرير و ناقلات
النفط, كمحاوله لمنافسة الاحتكار الامريكى البريطانى فى أهم مورد للدوله. فكانت تحركات التجار مدروسه و بالتدريج و ذكيه
لكى لا تزعج البريطانيين الذى معهم علاقات تجاريه أيضا, و فى نفس الوقت الظهور
بشكل قومى أمام الشارع بمحاولاتهم لخلق أقتصاد محلى عربى. لدينا مثال حى عن طبقة
التجار فى الشخصيه المحوريه المرحوم عبدالعزيز الصقر و كيف لعب أدوار وطنيه أكتسبت
طبقة التجار الاحترام و التبجيل من أطياف الشعب. عبدالعزيز الصقر من أسره غنيه جدا
و تنتمى للطبقه النجديه التجاريه – السياسيه فى نفس الوقت. فى 1962 خلال تأسيس
المجلس التأسيسى لوضع الدستور عين كوزير للصحه لتمثيل التجار, كان الرجل له
أسهامات جدا واضحه فى وضع الاساسات للصحه العامه فى الكويت. فلم يحول القطاع الصحى
الى شركات خاصه لكى يستفيد التجار من ذلك على حساب الشعب, عبدالعزيز الصقر وضع
قواعد الصحه العامه المتمثله فى تكفل الحكومه بعلاج المواطنين و الاسهام فى نشأة
الجسم السليم. يحسب للصقر لتبنى الملف الصحى لكل مواطن و كانت علامه متقدمه فى
العالم الصحى حول العالم. أيضا ترشح عبدالعزيز الصقر لمجلس 1967 لكن بسبب تزوير
المجلس و الانقلاب على مبادئ الدستور, قدم أستقالته مع أن كان فائز و بامكانه
الدخول فى مساومات سياسيه مع النظام و الاستفاده منه أيضا تجاريا. لهذا أصبح
المرحوم عبدالعزيز الصقر رمز لدى الشعب و الذاكره الوطنيه كممثل للتجار الشرفاء ذو
الابعاد الوطنيه و لا يغريهم المال و الكسب الحكومى على حساب المبدأ العام. أكمالا
لدور التجار الوطنى, أسسوا صحيفة القبس فى بدايات السبعينات لكى تكون المنبر
القومى و الوطنى و المعارضه الهادفه و الطرح الموضوعى. فعلا أكتسب صحيفة القبس
الانتشار المحلى و الاقليمى و أصبحت ركيزه مهمه فى الصحافه المحليه و العربيه و
يحسب لهذا حساب بسبب طرحها الراقى الموضوعى.
لكن منذ التسعينات و خصوصا الوضع الحالى تحولت
نظرة الكثيرين من أفراد الشعب نحو الطبقه التجاريه. أذ أصبحت ممارسات غالبية أفراد
الطبقه التجاريه السابقه غير سويه و تهدم التراث الوطنى السابق. فى السابق كان قبول التجار للمناصب الحكوميه
بغرض الاصلاح الحقيقى و تطبيق المبادئ الدستوريه, لكن حاليا أنخرطت طبقة التجار فى
لعبة المساومات السياسيه على المناصب من دافع تقسيم الثروه. أيضا تورط الكثير من
أبناء الطبقه التجاريه فى الفشل فى أدارة بعض مرافق الدوله من خلال المناصب التى
حصلوا عليها. ناهينا عن الفضائح الاقتصاديه التى تورط بها التجار فى القطاع الخاص
و أداراتهم للشركات المساهمه العامه. مثالا لما حدث لبنك الخليج و تورطه فى
المشتقات الماليه و خسائره بمئات الملايين التى كادت أن تطيح بالبنك و مدخرات
الناس. كذلك ممارسات شركات المقاولات فى عقود الحكومه و عدم الالتزام بها مما يؤدى
الى ردائه فى العمل و رشوة المسؤولين بطريقه أو بأخرى. ناهينا فى التلاعب فى أملاك
الدوله و أستغلالها بشكل غير قانونى و لا أخلاقى من قبل البعض من التجار مثل حال
الشويخ الصناعيه و غيرها من أملاك الدوله. حتى صحيفة القبس الناطق الرسمى بأسم
الطبقه التجاريه التقليديه لم تعد هى القبس التى كانت فى السابق. أخيرا أستخدام
بعض التجار لوسائل الاعلام المملوكه لهم لضرب الشركات الحكوميه و تعطيل أى خطط
لتطوير مرافق الدوله لغرض خصصتها و الحصول عليها بأبخس الاثمان مثلما الحاصل مع
الخطوط الجويه الكويتيه.
فماذا حدث لتلك الطبقه التجاريه النشطه التى كان
يشيد بها الكل بالامانه و دقة العمل و التنوير السياسى و العلمى و أنتهى حاليا لان
تصبح محل شبهات و أتهامات و ريبه ؟؟؟
هناك عوامل عديده لها الاثر الكبير فى
تغييرات التى حدثت فى الطبقه التجاريه و التى بسببها أنتكست و لم تعد كما كانت
سابقا. أولا, خروج النفط و تغيير نمط الاقتصاد الكويتى من معتمد على التجاره الحره
الخارجيه الى معتمد على مناقصات الدوله و عطايا الحكم. فى السابق التاجر الكويتى
يعتمد على نفسه و ابداعه الشخصى و أخلاقه لاستيراد البضاعه الى الكويت و من ثم
توزيعها على دول المنطقه, لهذا يجب أن يتميز بالكثير من المهارات العاليه التى
تصقل الشخصيه. لكن أقتصاد الحكومه لما بعد النفط فقط يعتمد على مناقصات المجزيه و
لا تتطلب ألا بعض مهارات مثل البحث عن البضاعه الاجنبيه و أستيرادها. و للاسف مع التسيب
الى حصل فى العمل الحكومى أصبح الفساد سمه رئيسيه فى العمل فى عقود الدوله مما
للاسف تورط به الكثير من التجار ... ثانيا بعد حقبة النفط تغير حال البلد و أصبح
هناك ما يسمى Social Mobility حيث خرجت طبقه جديده تعمل
بالتجاره و أصبحت هناك عائلات أخرى ثريه غير تلك الطبقه السابقه المعهوده. للاسف الكثير من حديثى العهد فى التجاره أو ما
يسمى تجار بعد النفط أو يطلق عليهم بالعالميه "محدثى النعمه", جل
تجارتهم على المضاربات و الدخول فى تعاقدات الدوله و لايوجد أخلاق معينه تحكمهم فى
العمل التجارى. الطبقه التجاريه الجديده التى أصبحت تملك رؤوس الاموال أصبحت
منافسا للطبقه التجاريه التقليديه التى كونت نفسها من خلال الاخلاق و الاسس
التجاريه الصارمه, لهذا رأى الكثير من التجار التقليديين أن فى تمسكهم فى المبادئ
القديمه لن يفيدهم بشيئ أمام الهجمه الشرسه من التجار الجدد. لهذا للاسف وضع
الكثير من التجار التقليديين مبادئهم على جانب و أصبحوا يسلكون نفس الاسلوب الذى
يتبعه التجار الجدد من خلال التعامل التجارى من غير أخلاق و لا حتى واعز دينى ... ثالثا,
تشعب المؤسسات التجاريه و تعقدها حيث التاجر لم يعد مثل السابق يشرف على كل شيئ فى
عمله التجارى لان فى السابق كل شيئ كان بسيط. حاليا التجاره تشعبت و تطورت و أصبح
هناك مفهوم جديد يتمثل الشركات المساهمه. طبيعة نمط عمل الشركات يكون صاحب رأس
المال على قمة الهرم الشركه لكن أدارة الشركه و تفاصليها تكون على يد الموظفين و
المدراء. أصبح صاحب الشركه فقط يطلب زياده فى الارباح و لم يعد يهتم بتفاصيل العمل
التجارى, مما جعل الكثير من المدراء يستغلون الوضع لحصد المال و الحصول على النسبه
الارباح, لكن غير مهتمين فى أخلاقيات العمل بشكل دقيق. طبعا كل التجاوزات التجاريه
فى النهايه تحسب على صاحب الشركه و ليس الموظفين. رابعا تشعب العائله الواحده, لم
يعد الامر كما فى السابق الاب الاكبر يدير جميع حلال الاسره, من تطور المجتمع و
الاقتصاد بعد النفط و تعاقب الاجيال أصبح لكل فرد فى العائله يريد أن يدير رأس
ماله بنفسه و ليس بشكل مركزى مثل السابق. أذا القليل من افراد العائله الواحده
مستمرين فى الاخلاق التجاريه لاجدادهم و أبائهم, لم يعد البقيه مهتمين بهذا المنوال,
و بل الكثير من الابناء المتشعبين تورطوا فى قضايا غير أخلاقيه فى العمل التجارى
أسائت لتاريخ جميع العائله. خامسا, حصول
أبناء التجار على مناصب حساسه فى الدوله و منها قطاعات أقتصاديه, جعل الكثيرين
منهم يجيرون عملهم الحكومى لصالح شركاتهم العائليه و التنفيع مما نشر من حالات
الفساد و التضارب المصالح. سادسا, اليأس الذى دب فى مفاصل الوطن بسبب تصرفات
السلطه و دخلوها البلاد فى كوارث مم ولد شعور عام أن الكويت دوله مؤقته خصوصا بعد
الغزو, و هذا اليأس وصل حتى الى الطبقه التجاريه و نبذت دعوات الاصلاح الصادقه الى
محاولات أيضا لاستغلال ثروات الوطن بأى طريقه مثل الآخرين. سابعا, موت فكر القوميه
العربيه المبنيه على المبادئ الواضحه لبناء أمه عربيه قويه, لهذا أصبحت طبقه
التجار المتبنيه للفكر القومى متشتته و ليس لها أهداف واضحه و معتقد سياسى مرتكزه
عليه بعد أنهار الفكر القومى العروبى.
بسبب تلك النقاط السابقه لم تعد طبقه التجار
كما كانت فى السابق المبادره و ذو النظره الاصلاحيه, بل تحولت بالفعل الى طبقه
برجوازيه فى المجتمع الكويتى و ينظر لها من بقية الشعب الى عامل آخر من عوامل
الفساد و تأخر البلد. الطبقه التجاريه اذا تريد أعادت موقعها فى المجتمع الكويت
مثل السابق, عليها بالمبادره بالاصلاحات الحقيقيه التى تبدأ من نفسها قبل الآخرين.
مثلا أن تبدأ الطبقه التجاريه بأصلاح آليات أنتخابات غرفة التجاره لكى تواكب العصر
أو القيام بتبنى قانون يخص أملاك الدوله خصوصا الكثير من التجاوزات التى تحدث فى
شويخ الصناعيه. لكن أذا أستمر الحال على ما هو عليه سيضيع جيل التجار الحالى
الاحترام و التاريخ الكبير الذى تمتع به آبائهم ...