Thursday 1 March 2012

الهبوط الايرانى الى القطب الجنوبى



أذاعت قبل فتره وكالة الانباء الايرانيه بأسم المركز الوطنى الايرانى لدراسة المحيطات النيه عن أفتتاح محطه للابحاث العلميه الدائمه فى القطب الجنوبى.  سيكون تأسيس المحطه فى القطب الجنوبى على ستة مراحل أبتداء من اعلان مركز وطنى متخصص فى دراسات القطب الجنوبى و الوصول الى القاره الجنوبيه الى تأسيس المركز هناك.   طبعا الخبر نوعا ما غريب على محيطنا الشرق الاوسطى خصوصا من دوله تعتبر ثوريه مثل أيران و لديها الكثير من المشكلات الداخليه و الخارجيه ولكن لديها أندفاع قوى نحو العلوم و الاكتشاف بالاخص تأسيس محطه دائمه للابحاث و العلوم فى أقصى بقاع الارض الجنوبيه فى منطقه من أكثر المناطق تطرفا فى المناخ والتى تصل بها درجات الحراره مادون 80 درجه حراريه تحت الصفر فى بعض فصول السنه.  حسب معلوماتى البسيطه عن القطب الجنوبى أنها منطقه محايده عالميا و توجد بها قواعد بحثيه لدول كثيره من العالم الغربى المتقدم, و الآن أيضا تتسابق بعض دول عالم الثالث مثل البرازيل, شيلى, الارجنتين, جنوب أفريقيا, الهند, الصين و أخريات لافتتاح محطاتهم البحثيه فى تلك القاره القاحله البارده.  كذلك تكلفة العمل فى القطب الجنوبى جدا عاليه بسبب طول خطوط المواصلات و أنقطاعها عن العالم, حيث أخبرنى شخصيا أحد الباحثين فى الفريق البريطانى لابحاث القطب الجنوبى أنه لايصال برميل واحد من الوقود تحتاج العمليه الى استهلاث ثلاث أضعاف من براميل الوقود مما يضاعف من نفقات المال و الجهد للعمل فى منطقة القطب الجنوبى.  أيضا فى بعض أوقات السنه مثل الشتاء تتوقف خطوط المواصلات خصوصا الجويه و تصبح شبه صعبه للبحريه منها للوصول الى القطب الجنوبى لايصال المؤن لمحطات الابحاث لهذا يجب علي البعثات المتواجده هناك تأمين التخزين الجيد من أمداد الصيف لفصل الشتاء القاتل.  دائما المحطات البحثيه فى القطب الجنوبى تكون على شاكلة مدن صغيره متكامله من محطة توليد الطاقه الخاصه بها مرورا بالعيادات الطبيه و مختبرات البحثيه و أماكن معيشة العاملين الى محطة الاتصال الدوليه بها عبر الاقمار الصناعيه.  بالنسبه للدول الاسلاميه فقط باكستان لديها محطة تجارب موسميه صيفيه فى القطب الجنوبى و لديها النيه لافتتاح محطه دائمه ردا على المحطه الهنديه فى القطب الجنوبى.  لكن عموما ليس لدى حكومات العالم الاسلامى الاهتمام العلمى و الاستراتيجى فى القاره الثلجيه التى لا يعيش بها الا بعض الفقم البحريه و طيور البطريق.  لهذا يثير الاهتمام الايرانى بالقطب الجنوبى الكثير من علامات التعجب خصوصا بين الغير متخصصين و البعض قد يصفه بأنه نوع من أنواع الجنون الايرانى و الاندفاع الثورى للمجهول وبعثره للجهد و المال لحساب الدعايه الخارجيه على حساب المواطن الايرانى.  فى الحقيقه الامر ليس بهذه الصوره, حيث أن لهذا المشروع هناك فوائد كبيرة للجانب الايرانى على المنظور القريب و البعيد من خلال أيجاد له موطئ قدم فى القاره الثلجيه و محطة الابحاث المزمع أنشائها هناك.    
المحطه الايرانيه فى القطب الجنوبى ستحفز من قدرة الباحثين الايرانيين فى مختلف المجالات العلميه سواء الجيلوجيه, البيولوجيه منها أو الكيميائيه و المناخيه و غيرها فى فهم الطبيعه القاسيه فى القطب الجنوبى و سبل تكيف عيش الكائنات هناك و أمكانية اسقاط ذلك فى أيران لحل الكثير من المشاكل و أمتلاك الجانب الايرانى للخبرات العلميه المتراكمه بسبب العمل تحت اقسى الظروف.  على سبيل المثال تم بالصدفه أكتشاف نوع من أنواع البكتيريا الدقيقه فى القطب الجنوبى لها القدره على ألتهام المواد الهيدروكربونيه مثل الديزل الملوث فى مكائن توليد الكهرباء هناك و تعمل تحت الظروف الجويه القاسيه,مما أمكن أستخلاصها لتنظيف مناطق أخرى حول العالم من مشاكل التلوث البترولى.
العمل تحت أقصى الظروف المناخيه فى القطب الجنوبى يمكن الجانب الايرانى من أبتكار الملابس و طرق السكن المميزه للتغلب على المشاكل المناخيه والاهم منها الوسائل المتاحه للتدفئه و التقليل من تكاليفها.  لا ننسى أنه أيضا فى مناطق مختلفه فى ايران تصل درجات الحراره هناك الى مستويات جدا متدنيه و لفترات طويله خلال السنه, لهذا يحتاج الجانب الايرانى على العمل و الابتكار و التمرس لمواجهة المناخ المتطرف و أكتساب الخبرات.   
يذكر مجموعه من الخبراء أنه تم أكتشاف الكثير من المخزونات من النفط و الغاز الطبيعى و أيضا الفحم, و زد على ذلك تم أكتشاف كميات لا بأس بها من معادن خامات الحديد, بلاتينيوم, النيكل, الذهب و النحاس و معادن أخرى ثمينه فى المجال الصناعى.  نعم بالتكنولوجيا الحاليه و قساوة المناخ من الصعب استخراج تلك الثروات بطرق أقتصاديه  مربحه فى القطب الجنوبى.  لكن  التقدم التكنولوجى و التوقعات بالتغير المناخى على القاره الجنوبيه, يتنبأ الكثيرين بأن تكون تلك المنطقه المرشحه لكى تكون المصدر كبير للمعادن و الطاقه للعالم خلال السنوات القادمه.   لا ننسى أنه جزر الفوكلاند التى لا تبعد كثيرا من القطب الجنوبى تم أكتشاف كميات مهمه من النفط و الغاز بها للتصدير التجارى بعد التقدم التكنولوجى فى وسائل الحفر و الاكتشاف.  لهذا الكثير من الدول تحاول وضع لها موطئ قدم فى القاره الجنوبيه  لكى يتم أستثمار ذلك فى المستقبل القريب فى مجال أكتشاف المعادن و الثروات و زيادة الدخل القومى.  لهذا يهيأ الايرانيين أنفسهم مبكرا للفوز فى الثروات المكنونه فى باطن القطب الجنوبى و يكون لها نصيب منها حالها من حال الدول الاخرى المشاركه فى البعثات العلميه هناك.
طول المسافه و قساوة التيارات البحريه تعطى فرصه للاسطول الايرانى سواء منها العسكرى أو المدنى للتدريب و التعليم على عبور البحار و المحيطات حتى تحت أسوأ الظروف.  حاليا هناك توجه كبير لدى جانب الايرانيين لبناء أسطول بحرى كبير ومدرب لعبور البحار العالميه و المحيطات لكسر أى حصار مستقبلى.  كما هو معروف تاريخيا لم يكن للايرانيين التاريخ البحري الكبير و الخبرات المتراكمه لعبور البحار العالميه, لهذا بناء محطه مثل القطب الجنوبى و يعتبر من الاصعب عالميا للابحار و الملاحه سيعطى للايرانيين القفزه الكبيره فى مجال التدريب و الممارسه فى سبل الملاحه الدوليه.  أيضا الملاحه الى القطب الجنوبى تعتبر أختبارا حقيقيا لقدرة الصناعه الايرانيه خصوصا فى مجال السفن التجاريه للابحار و مواجهة الامواج العاتيه و البحر الهائج الذى لا تتيح أجواء الخليج الهادئه لاختبار ذلك.    
التواجد الايرانى الدائم فى القاره الجنوبيه يتيح الايرانيين التواصل اللوجستيكى بصوره أفضل مع حلفائها الجدد فى أمريكا الاتينيه مثل فينزويلا و بوليفيا و غيرها من الدول التى استطاع الايرانيو أختراقهم فى أمريكا الجنوبيه و التسبب بالصداع المزمن للولايات المتحده بذلك على الصعيد الدبلوماسى.  حيث المحطه الجنوبيه فى القاره الثلجيه تعطى للايرانيين المرونه فى العبور و التواصل الدائم مع قارة أمريكا الاتينيه بصوره أفضل من السابق بحجة الذهاب و الاياب من القطب الجنوبى.
أختبار القدرات الايرانيه الجديده فى مجال الاقمار الصناعيه للاتصال و المسح الفضائى على القطب الجنوبى و تواجد محطه أيرانيه أرضيه هناك للمسانده و الالتقاط الارضى.  دخل الايرانيين مؤخرا فى مجال الاقمار الصناعيه محلية الصنع و بالفعل تم أطلاق العديد منها خلال السنه الماضيه.  و تلك الاقمار مصممه على حسب ما تقوله أيران لمجال الاتصالات و المسح الجغرافى, لهذا منطقة القطب الجنوبى لبعدها عن المجال الايرانى تعتبر الامثل لتجريب القدرات التكنولوجيه الايرانيه فى مجال الاقمار الاصناعيه و مدى فعاليتها للالتقاط و المسح الارضى.
تلك النقاط السابقه برأيى الشخصى تحفز الايرانيين للعمل فى القطب الجنوبى جنبا الى جنب مع باقى الدول الاخرى سواء الغربيه منها أو دول العالم الثالث التى وجدت لها موطئ قدم فى هناك.  النظام الايرانى يحاول بقدر المستطاع الخروج من حالة التقوقع فى العالم الاسلامى خصوصا فى مجالات العلم و الاكتشاف و محاولة على الاقل المضاهات دول العالم الثالث فى مجال العلوم و الاكتشافات.  تاريخيا الغرب لم يخرج من حالة العزله و الفقر الى الرفاه و التطور الاقتصادى الا عن طريق روح الاكتشافات الخارجيه البحريه و تشجيع العلوم و الابتكارات.  أيران الثوره اليوم تحاول أعادة تقليد أوروبا القرن الخامس عشر عن طريق أستنساخ تجربة الابتكار العلمى للانجليز و الالمان و المغامرات الخارجيه للاسبان و الايطاليين لكى ينعكس ذلك مستقبلا على أزدهار الاقتصاد الايرانى و تكوين مجتمع مهتم بالعلوم وباحث عن الجديد ....

نشرت فى صحيفة الحصيله الالكترونيه    

No comments:

Post a Comment